الرئيسية / مقالات / قراءة في الراهن البحريني..بقلم خالد ابواحمد

قراءة في الراهن البحريني..بقلم خالد ابواحمد

ثمة تطورات ايجابية تشهدها مملكة البحرين في الوقت الراهن تفرض نفسها بقوة على الكاتب والمُحلل، إذ تشهد البلاد تقدماً حثيثاً في الكثير من الملفات ذات الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية والسياسية والأمنية والإجتماعية أيضا، وذلك في سياق الجهود المستمرة لتعزيز المسيرة التنموية في جميع مناحي حياة الإنسان البحريني بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، عناوين كبيرة نشرتها وسائل الاعلام في البحرين مؤخرا لفتت الانتباه لهذه التطورات الايجابية.

البارز جدا في الراهن البحريني هو الحركة الديناميكية التي يقوم بها سمو ولي العهد في التطور والارتقاء بأجهزة الدولة في المجالات كافة، بالشكل الذي يُمكن من انجاز استراتيجية التطور القائمة على برنامج التوازن المالي في المملكة، والذي بدوره يرمي إلى تحقيق توازن في الميزانية بحلول 2024، التي ترتكز على تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في مجالات العقارات والسياحة، إن النهج الحضاري لسمو ولي العهد في بناء القيادات الشابة قد أثمر واينع كفاءات بحرينية شابة تسد عين الشمس، من خلال برنامج رئيس مجلس الوزراء لتنمية الكوادر الحكومية، هذا البرنامج الذي تجني ثماره البحرين الآن من العناصر الشبابية المتسلحة بالعِلم والخبرات العالمية تم وضعهم في المكانة اللائقة بهم في عدد من المناصب التنفيذية، وهم يقومون الآن بواجبهم الوطني في قيادة التحولات التنموية الكبيرة التي تحقق رؤية جلالة الملك في تقدم البحرين وازدهارها.

يأتي في الأول ملف (التوظيف) الذي أحدثت فيه الحكومة ممثلة في وزارة العمل تقدما كبيرا في العام 2022 عندما بدأت عملية تسريع وتيرة التوظيف القطاع الخاص، فتم تحقيق نحو 150% من خطة التوظيف المقررة للعام 2022، وذلك عبر توظيف (29,995) بحرينياً في القطاع الخاص، فدخل سوق العمل نحو 6915 موظفاً بحرينياً جديداً خلال النصف الأول من العام الجاري (2023)، منهم 5631 بحرينياً في القطاع الخاص، بنسبة 81.4%، مقابل 1287 بحرينياً في القطاع الحكومي بنسبة 18.6%، مع العلم أن الخطة الوطنية لسوق العمل (2021-2023) تهدف إلى توظيف 20 ألف بحريني، وتدريب 10 آلاف بحريني سنوياً حتى العام 2024م، ووفقاً للإحصائيات بلغ متوسط رواتب الموظفين البحرينيين الجُدد في القطاع الخاص 439 ديناراً، اعتقد إذا استمر العمل بهذه الوتيرة تكون هناك طفرة كبيرة تشهدها المملكة في زيادة كبيرة نوعا في رواتب الداخلين لسوق العمل في الفترة المقبلة بإذن الله.

إن الصحفي والراصد المُقيم يدرك أن الملف الاسكاني يعتبر من الملفات ذات الأهمية الاستراتيجية لارتباطه بالأمن النفسي والاجتماعي للمواطن البحريني، وله تأثيره الكبير في خطط التنمية الشاملة والمستدامة، فبرغم الانتقادات البسيطة لبعض الوحدات الاسكانية إلا هناك تقدما كبيرا في هذا المجال منذ العام 2015م وحتى الآن، وتم على أثره انجاز المُدن الاسكانية الخمسة، فإن وزارة الإسكان في الوقت الراهن تعمل بجهد كبير في استمرار توفير خدماتها للمواطنين حيث تطمح الحكومة إلى استفادة أكبر عدد ممكن من المواطنين، فعليا قامت بتخصيص أكبر ميزانية لقطاع السكن الاجتماعي للعامين 2023-2024 والتي تبلغ 1.6 مليار دولار، مع منح دور أكبر للشراكة مع القطاع الخاص، ونلحظ جميعا استمرار برنامج التمويلات الإسكانية وبرنامج حقوق تطوير الأراضي الحكومية، التي تهدف إلى توفير نظام إسكاني مبتكر يستوعب النمو المتزايد على عدد الطلبات الإسكانية سنوياً.

بالنسبة للملف التشريعي فيمكن القول أن مجلسي الشورى والنواب في دورة الانعقاد الحالية بقيادة كل علي بن صالح الصالح، وأحمد بن سلمان المسلم، أبرز جهدا مقدرا في العديد من الملفات التي تهم المواطنين، خلاف الدورة البرلمانية السابقة، وذلك بدفع قوي من الحركة المجتمعية في البحرين التي أصبحت تمثل نوعا من الرقابة على المؤسسة التشريعية وقد رأينا الكثير من الملفات تحركت باهتمام من المجتمع بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي (الانستغرام) و(الواتساب) التي أصبحت أيضا برغم أخطائها والانتقادات الكثيرة الموجهة إليها تلعب الدور الرقابي القوي والمهم، ليس على المؤسسة التشريعية فحسب بل على السلطة التنفيذية كذلك، الأمر الذي يعكس في مجمله الصورة الحضارية للتطورات في البحرين، وما تتسم به من متغيرات لها انعكاساته الإيجابية.

أما إذا نظرنا للدبلوماسية البحرينية فهي في حالة تطور وازدهار مستمر وتوسع كبير في كافة مجالاتها السياسية والاقتصادية، وفي ميادين العمل الإنساني..إلخ، وقد ازدهرت في الآونة الأخيرة للدرجة التي تلفت نظر المتابع، وبشكل خاص الدبلوماسية الاقتصادية التي يقودها بحنكة سمو ولي العهد ويفتح لها الآفاق والواسعة في تمتين وتوطيد العلاقات التي تكسب البحرين ميزات تفضيلية بما يرتقي بالاقتصاد الوطني، ومن خلال متابعتي اللصيقة لهذا الملف الاستراتيجي أقول أن دبلوماسية البحرين تتجدّد يوما بعد آخر فِكرا وعملا وعِلما، وتتميز بكونها تبتكر أنماطا جديدة في بناء الشراكات الاستراتيجية بين الدول الفاعلة في المجتمع الدولي، ويمكننا أن نضرب مثلا بالعلاقات البحرينية الامريكية، والعلاقات البحرينية اليابانية..إلخ، فهي علاقات لها تأثيرها وفوائدها الكبيرة والضخمة في سائر المجالات وليس الاقتصاد فحسب.

أما إذا نظرنا إلى الملف الأمني نجد أن البحرين انتقلت من الوظيفة التقليدية للأمن إلى مراحل متقدمة جدا في التحديث والابتكار، وفي الشراكة المجتمعية والمساهمة الفاعلة في البناء والتطوير للدولة في كافة المجالات، لذلك نجد أن جهود وزارة الداخلية بقيادة معالي الفريق أول ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة تقوم بجهود كبيرة وقيمة من أجل تعزيز حقوق الإنسان في مملكة البحرين، وبرزت هذه الجهود من خلال مساعي تطبيق القوانين التي تكفل الحفاظ على تلك الحقوق، ولعل أبرزها، برنامج السجون المفتوحة، حيث تكلل جهود الوزارة من خلال الارتقاء بتطبيق أحكام قانون العقوبات البديلة حيث يعتبر برنامج السجون المفتوحة، مرحلة مهمة في تنفيذها، خاصة وأن هذا المشروع يصنف عالمياً على أنه مشروع عصري وإنساني في ذات الوقت استفاد منه قرابة الـ5 آلاف من قانون الأحكام والعقوبات البديلة، كما أن سياسة الوزارة قد أتت أكلها بانخفاض معدلات الجريمة بنسبة ٣٠% في السنوات الأربعة الماضية.

في العموم تزخر مملكة البحرين بالكثير من الإنجازات المهمة في الكثير من المجالات، في هذا المقال يأتي بالتذكير بأهمية التوثيق المطلوب لهذه الفترة بالذات لما فيها من حركة دؤوبة وجهود قيادة وشعب البحرين من أجل تحقيق الأمنيات والطموحات، فإن أهمية التوثيق تأتي لتعظيم الاستفادة من المنجزات مستقبلا بهدف ترسيخ قيم الوطنية لدى الأجيال الجديدة.