إن الأسرة تعتبر من أهم المؤسسات في كل المجتمعات فهي الدعامة الأساسية للمجتمع، وعليها تقع مهمة اعداد الأجيال المتعاقبة لتكون ركيزة لنهضة الأمة الإسلامية، وحتى تكون الأسرة التي نأمل فيها ناجحة لابد في المبتدأ من اخضاع الاختيار الأمثل للشريك لمعايير ثقافية واجتماعية ونفسية تؤدي إلى التوازن والتكامل بين الزوجين، وبالتالي إذا لم نقوم بعملية الاختيار الصحيح ربما تتعرض الأسرة التفكك بسبب انعدام التوافق بين الشريكين.
إنّ النجاح يعني السعادة، فالإنسان عندما يكون ناجحا ينعكس هذا النجاح على شخصيته ونفسيته ويكون تأثير السعادة على نفسه ايجابيا فيحقق لنفسه الأمنيات التي كان يحلم بها، فالنجاح والفشل متقلبان في الحياة الزوجية لهذا فانه ينبغي أن يكون لدى الزوجين مرونة للتكيف مع كل الظروف التي تمر بهم، وهذا لا يأتي إلا بالتزود بالمعرفة من خلال القراءة لأنها تنقل لنا تجارب الآخرين فنستفيد منها في حياتنا.
إنّ الاسر الكبيرة من أهل الزوج أو الزوجة في مجتمعاتنا قديما كانت تلعب الدور الكبير في المساندة النفسية والاجتماعية للأسرة الصغيرة و للمتزوجين حديثا، و كانت الأسر الممتدة تعيش في استقرار وأمان انفسي واجتماعي، ولا تعتري الأسر الصغيرة أي معوقات، ويشعر المتزوجان بالامان والارتياح مع بقية أفراد الأسرة الكبيرة وتقوى علاقتهما بالمؤسسة الزوجية ضمن الاسرة الكبيرة، وقلما تحدث أي خلافات تذكر.
لكن مع مرور السنين تغيرت الكثير من الممارسات الإجتماعية والنفسية داخل الأسر، وبالتالي أثرت حياة الأزواج حديثي التجربة فاصبحت تمثل إحدة العوائق في استمرارية مؤسسة الأسر الزوجية الجديدة التي تحتاج من المجتمع حولهم إلى الدفع النفسي والمعنوي والتشجيع على تجاوز كافة الإشكالات التي تحدث لهم كما هي طبيعة الحياة التي لا تخلو من الخلافات، لكن للأسف فإن الوقت الراهن تحدث الكثير من الخلافات بسبب التدخلات الكثيرة في شؤون الأسرة الناشئة عن طريق طرف ثالث ربما يكون والدي الزوج، أو والدي الزوجة الأمر الذي يفاقم المشاكل بين الزوجين، لقلة خبرة آباء وأمهات الطرفين في حل مشاكل أبنائهم الزوجية، وذلك باتباع نفس الطرق والأساليب التي تربوا عليها، باستخدام أساليب لا تتفق مع معطيات الواقع الجديد وبذلك تتعقد المشاكل بين الزوجين أكثر فأكثر، بل وتترتب عليها آثارا نفسية ربما تصاحب الأسرة الناشئة لفترة طويلة.
من خلال دراستي الماجستير كان موضوع الدراسة (المصاعب اليومية التي يواجهها المتزوجون البحرينيون وطرق التكيّف معها والتغلب عليها كزوجين ووالدين في بيت واحد)، تبيّن لي أن أحد المصاعب التي واجهها المتزوجون حسب الدراسة دخول طرف ثالث في شؤون الأسرة الناشئة بشكل متزايد من قبل أهل الزوج، أو أهل الزوجة، و يترتب على ذلك تراكم المشاكل بسبب عدم القدرة على حلها وتصل في النهاية أي طريق مسدود، وبالمقارنة مع الأجيال السابقة نجد أن مجتمعاتنا قد ارتبطت بقيم وعادات خاصة تزخر بالعديد من تجارب الحياة الخاصة والعملية لأبائنا وأمهاتنا وأقاربنا ساعدت بشكل كبير جدا على تقوية ومتانة العلاقات الزوجية وجعلها ثابتة وراسخة.
إنّ الله سبحانه وتعالى قد أوجب على الأبناء بر الوالدين، وقرن ذلك بعبادته وعدم الاشراك به لأنهما في مشكاة واحدة، وعبادة الله ووحدانيته شكر له على نعمة الخالق، وبر الوالدين شكر لهما على نعمة التربية..يقول عز من قائل “واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وبالوالدين إحسانا (النساء٣٦)، والعقوق كذلك هو كُفر بالنعمة، ونكران للجميل ، فالوالدان يفنيان عمرهما في سبيل إسعاد أولادهما ولا يصح مطلقا التخلي عنهما بعد عجزهما، لأن ذلك مجاف للفطرة السليمة ويكون بر الوالدين ربابة لهما وخدمتهما والقيام على أمرهما .
في الإسلام.. الزوج له حق على زوجته، وفي ذات الوقت عليه أيضا بر والديه،فالتوازن مطلوب بين الطرفين، دائما يتدخل الآباء والأمهات في حياة أبنائهم لشعورهم أنهم يجهلون الكثير في الحياة الزوجية ويريدون بعفوية ان تنجح حياتهم لكنهم يصدمون بالكثير من الإشكالات التي لم تكن في حسبانهم، فعلى الزوجين الجديدين أن يفرقا بين بِر الوالدين، وبين الإنصياع الكامل لطاعتم، في بعض الأمور التي قد تكون كارثيه بالنسبة لمستقبلهم، هناك تدخلات لبعض الوالدين في قضايا غريبة في حياة أبنائهم الزوجية العاطفية، هذه أمور ينبغي ألا يتدخل فيها أي طرف، إذا كانوا بالفعل يريدون لحياة أبنائهم أن تثمر بنجاح ويكون لها مستقبل واعد.
*عضوة لجنة العضوية وجودة الحياة – جمعية البحرين للتدريب والموارد البشرية.