أهل مملكة البحرين خبروا البحر وطلبوا الرزق منه، وأصبحوا أصحاب خبرة بمكائن الأسماك ومواسمها والأراضي البحرية التي تعيش فيها مصداقًا للآية الكريمة؛ (وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلبَحرَ لِتَأكُلُواْ مِنهُ لَحمٗا طَرِيّٗا وَتَستَخرِجُواْ مِنهُ حِليَةٗ تَلبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلفُلكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضلِهِ وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ).
(14) سورة النحل
كما أدركوا بالفطرة ووسائل الصيد التي اعتادوا عليها بما لا يضر بالأراضي البحرية التي تعيش فيها أصناف وأنواع من سمك البحرين، ومنها «الحظور» من جريد النخل وأنواع «القراقير» من الأسل أو من أسلاك الألومنيوم والصيد بالشباك أو بالميادير «الشص» العادية أو بما يسمى باللفاح، وبما لا يتعرض لصغار السمك حتى تكبر، وحاربوا أنواع «السم» التي تلقى في البحر فتقتل الصغير والكبير وآمنوا بخطر ذلك على الثروة البحرية، واعتبروه صيدًا جائرًا لا يجوز الإقدام عليه، وتعاونوا جميعًا في تجنبه والقضاء عليه.
كل أسرة في البحرين يوجد فيها صياد أو عاشق للبحر أو هاويًا.. عرف الصيادين بخبرتهم وتجاربهم، وكانوا أحيانًا يبيعون السمك من بيوتهم وأحيانًا يذهبون لسوق المنامة للسمك أو المحرق للسمك، كما يُباع في القرى المجاورة للبحر وبأسعار تناسب الجميع وبأصناف وأنواع وأحجام متنوعة.
ومن لم يمتهن صيد الأسماك، فقد كان هاويًا يستغل فرصة العطلات الأسبوعية ليمارس هواية الصيد منفردًا أو مع الأصدقاء والمعارف؛ حيث يتقاسمون الصيد فيما بينهم.
من شيم أهل البحر المحافظة على ثروتهم الطبيعية في البحر بمعرفة أماكن التواجد وأحجامها وبالوسائل التي لا تضر البيئة الطبيعية الآمنة وبما يحفظ عليهم ثروتهم الطبيعية وبالوسائل المعتادة التي لا تدمر البيئة الطبيعية البحرية.
وخيرًا فعل المجلس الأعلى للبيئة بإصدار القرار رقم (4) لسنة 2025م بشأن تنظيم ترخيص الصياد البحريني لممارسة الصيد التجاري، والذي يمثل خطوة مهمة لحماية الموارد البحرية من الاستنزاف، وضمان استدامتها للأجيال القادمة إلى جانب تعزيز المواطن البحريني في مهنة الصيد وتحويلها إلى قطاع أكثر مهنية وتنظيمًا.
وقد أتى هذا القرار في إطار حرص المجلس الأعلى للبيئة على مواصلة جهوده لتعزيز قطاع الصيد البحري التجاري، بما يضمن استدامة الثروة البحرية والحفاظ على الموارد الطبيعية، ويسهم في دعم الأمن الغذائي لمملكة البحرين وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال تبني السياسات والقرارات التنظيمية التي تضع الصياد البحريني محورًا أساسيًا تستند إليه نجاح كافة الجهود.
إن من أهداف المجلس الأعلى للبيئة دعم الصياد البحريني وتعزيز حضوره في هذا القطاع الحيوي يشكل أولوية وطنية، باعتباره شريكًا رئيسيًا في استدامة الموارد وضمان واستمرارية المهنة للأجيال القادمة، كما أن من أهداف المجلس الأعلى للبيئة أهمية مواصلة تعزيز الشراكة بين الجهات المعنية والصيادين لتحقيق الأهداف المرجوة، وأهمية استيفاء جميع الصيادين البحرينيين لمتطلبات القرار، واستكمال إجراءات إصدار ترخيص الصياد البحريني عبر البوابة الوطنية لمملكة البحرين bahrian.bh. إن المجلس الأعلى للبيئة أوضح بجلاء أهداف هذا القرار ويتمثل ذلك في:
تنظيم مهنة الصيد عبر اشتراكات واضحة للترخيص وضمان وجود صياد بحريني مرخص على متن كل سفينة صيد تجاري، وحماية الثروة البحرية والحد من الصيد الجائر، والممارسات غير القانونية وتعزيز الأمن الغذائي الوطني واستدامة المخزون السمكي، وتشجيع الشباب البحريني على إتقان مهنة الآباء، والأجداد والمحافظة عليها وتوفير المزيد من الفرص النوعية للشباب البحريني.
إننا نتطلع إلى دعم أسواق بيع السمك في المدن والقرى، فقد عشنا في زمن كانت بالنسبة لنا أسواق المنامة والمحرق وبقية المدن والقرى لبيع السمك مقصدًا لنا كمواطنين وأولئك الذين يعيشون بيننا وكانت أسواقنا تعج بالحركة والنشاط ويأتي إلينا من دول الخليج العربي صيادون يأتون بأنواع وأحجام لا توجد في بحارنا ويتم البيع والشراء، بنفوس رضية وطيب خاطر، وكذلك يجلب الأشقاء من بلدانهم أنواع من السمك المجفف والذي يلقي قبولًا لدى المشترين فزيارة أسواق السمك لا تقل أهمية على زيارة أسواق أخرى تقدم بضائع متنوعة ومختلفة وهذه الأسواق نجدها أيضًا في دول أجنبية كثيرة.
وفّق الله المجلس الأعلى للبيئة للمحافظة على بيئتنا البحرية وتحقيق الأهداف من هذا التنظيم الذي سيعود بالخير على الوطن والمواطنين.
وعلى الخير والمحبة نلتقي.
عن صحيفة (الأيام) البحرينية