بني .. لا تبكي! Weep not..child
“لكل انسان، سواء كان في أفريقيا أو أوروبا، الحق في التحدث بلغته الأم أو لغة ثقافته، ولا يهم إذا كان تلك اللغة يتحدثها خمسة أشخاص فقط، فهؤلاء الخمسة لهم الحق في لغتهم وفي إنتاج الأفكار والمعرفة بلغتهم”.
هذا المقتبس يبين فلسفة أيقونة الأدب الافريقي نقوقو واثينقو في تحرير الأدب والعقل الافريقي من سطوة المستعمر الغربي ولغاته وثقافاته ايا كانت.. واثينقو الذي رحل عن عالمنا اليوم بدأ كاتباً بلغة المستعمر الانجليزية وانتهي كاتبا بلغة الكيوكيو الافريقية..
من أشهر رواياته (بني لا تبكي!) وهي التي تتحدث عن الأرض وكيف عمد الاستعمار إلى الاستيلاء علي اراضي المواطنين الكينيين ومنحها الي المستوطنين البيض وهذه هي احدي اسباب ثورة الماو ماو، الرواية التي تعبر عبر شخوصها عن اسرة نقوثو، وابنه البكر نقانقا والأصغر نقوقو الذي كان يحلم بأن التعليم يمثل الأمل للافريقي للنهوض والتقدم والتحرير، لكنه أدرك ان التعليم نفسه أحد أدوات استمرار الاستعمار وتلويث العقول في افريقيا..
اما شقيقه نقانقا فقد انضم لحركة الماو ماو الثورية المقاتلة ضد الاستعمار البريطاني.. وهنا يعبر الكاتب لا عن التاريخ كواقع في ذلك الوقت بل عن ان حمل السلاح نفسه قد يعتبر طريقاً لنيل الحقوق.
احد شخوص الرواية هو الجار جاكوبو الذي أصبح متعاوناً مع الاستعمار وعميلاً لهم ضد ابناء جلدته من الأفارقة.. وهنا يوضح المؤلف نوع الانقسام داخل المجتمع الكيني بين ثوار يناضلون ضد الاستعمار وعملاء يعاونونه علي تحقيق طموحاته الاستعمارية.
نهاية الرواية كانت مأساوية اذ تنتهي بهروب الاب نقوثو الذي تعرض للتعذيب والبطش من قبل السلطات البريطانية.. وقتل ابنه البكر نقانقا شهيداً مدافعاً عن الأرض والعرض.. اما نقوقو الابن الصغر فيتعرض للطرد من المدرسة بسبب ارتباط عائلته بالمقاومة الوطنية ضد الاستعمار.
ولم يملك اليافع الا البكاء وأمه التي تواسيه بكلماتها:- (لا تبكي.. فلم تعد طفلاً لتبكي).. ربما في كلماتها القوية هذه إشارات إلى ضرورة وحتمية النهوض كرجل والاستمرار في النضال، إن
رواية لا تبك طفلي.. هي من أفضل ما قرأته وكان ذلك في العام ٢٠٠٧ في سنوات المنفي ببلجيكا.