كرد فعل على التقاليد الأكاديمية والرغبة في التحرر من القيود الكلاسيكية ظهر الفن الوحشي (Fauvism) في أوائل القرن العشرين، تحديدًا بين عامي 1904 و1908، اشتُق اسم (الوحشي) من كلمة (Fauves) التي تعني الوحوش باللغة الفرنسية، وأُطلق لأول مرة من قبل الناقد الفني لويس فوكسيل بعد مشاهدته لأعمال هذا التيار في معرض باريس عام 1905. مثّل الفن الوحشي تحديًا للقواعد التقليدية من خلال استخدام الألوان الصارخة، الضربات الجريئة للفرشاة، والتأكيد على التعبير العاطفي على حساب الواقعية الدقيقة.
تُعتبر لوحة “نساء على الشاطئ” (1905) للفنان هنري ماتيس إحدى أيقونات هذا التيار، حيث اعتمد فيها على اللون كلغة مستقلة. وقد استلهم ماتيس أعماله من الطبيعة، لكنه تجاوز التقاليد بتبسيط الأشكال وتعزيز الخطوط العريضة لإيصال مشاعره بدلاً من نسخ الواقع. سأذكر نبذه عن ثلاث فنانيين اعتبرهم اعلام لهذا الفن اولا العملاق هنري ماتيس (Henri Matisse): وُلد في فرنسا عام 1869، يُعتبر الأب الروحي للفن الوحشي. بدأ حياته كمحامٍ، لكنه انتقل إلى الفن بعد اكتشاف شغفه به. عرف ماتيس بقدرته على التعبير عن مشاعره الداخلية من خلال الألوان الحية والبسيطة، ثانيا أندريه ديرين (André Derain): شريك ماتيس في تأسيس التيار، وُلد عام 1880. امتاز باستخدام الألوان الجريئة لتحويل المناظر الطبيعية العادية إلى لوحات مفعمة بالطاقة. والثالث هو موريس دو فلامنك (Maurice de Vlaminck): وُلد عام 1876، وجمع في فنه بين التأثيرات الوحشية والانطباعية. ركّز على مشاهد الحياة اليومية بطريقة تعبيرية، مستخدمًا ضربات فرشاة عفوية.
وإذا (من منظوري الفني ) تحليل لوحة “الفرح بالحياة” أرى ان إعتبار لوحة “الفرح بالحياة” (Le Bonheur de Vivre) التي رسمها ماتيس عام 1906 واحدة من أبرز أعمال الفن الوحشي. تتسم اللوحة باستخدام ألوان صارخة غير طبيعية؛ حيث غطى الفنان المشهد الطبيعي بدرجات من الأصفر، البرتقالي، والوردي لتوصيل إحساس بالدفء والحياة. تُظهر اللوحة مشهدًا مثاليًا للطبيعة حيث تتناغم الأشكال البشرية المجردة مع المناظر المحيطة، مما يعكس فلسفة ماتيس بأن الفن يجب أن يمنح الراحة للروح.
هذه اللوحة أثارت جدلاً في بدايتها بسبب انحرافها عن الواقعية التقليدية، وهذا أمر قائم إلى يومنا هذا بين الفن الكلاسيكي و المدارس الحديثة لكنها أصبحت لاحقا رمزا للتحرر الفني، ورغبة الإنسان في الانسجام مع الطبيعة والبحث عن السعادة المطلقة، مما يجعلها خالدة في ذاكرة الفن.