الرئيسية / مقالات / مبادرة البحرين للحوار داخل الدين الواحد-بقلم حمدي عبد العزيز

مبادرة البحرين للحوار داخل الدين الواحد-بقلم حمدي عبد العزيز

بعد مبادراتها العالمية في مجال حوار الأديان، لتعزيز التعارف والتفاهم والتعايش وترسيخ التواصل الإنساني والتواصل الحضاري، تستضيف مملكة البحرين، مؤتمر الحوار الاسلامي تحت عنوان: “أمة واحدة… مصير مشترك”، خلال يومي 19 و20 فبراير الجاري، في مبادرة تعزز الحوار داخل الدين الواحد، ووقف الاستغلال الديني والمذهبي في تهديد استقرار مجتمعات الأمة العربية والمسلمة.
وتأتي المبادرة الجديدة في إطار سلسلة المبادرات السامية لجلالة الملك المعظم في مجال تعزيز التعايش والوحدة الإسلامية، والحوار الإسلامي باعتباره ضرورة ملحة للم شمل الأمة، وترسيخ التلاحم بين مختلف مكوناتها في مواجهة التحديات المشتركة، إنطلاقاً من مساحة الاتفاق الواسع في مجالات الاعتقاد والقيم والأفكار باعتبار أن المسلمين أمة واحدة.
وتتأسس هذه المبادرة على دعوة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين د. أحمد الطيب في ملتقى البحرين للحوار الذي انعقد في نوفمبر عام 2022م، بحضور بابا الفاتيكان، حيث أكد الإمام الأكبر على ضرورة تعزيز الحوار بين مختلف مكونات الأمة الإسلامية، في دعوة ليست بغريبة عن الأزهر صاحب مدرسة التقريب تاريخياً، والذي أقر التعدد والتنوع المذهبي في مناهجه ومواقفه كجامعة إسلامية كبرى.
ودعا الإمام الطيب علماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم ومدارسهم الفكرية، إلى الحوار من أجل إقرار الوحدة والتقارب، ونبذ الفُرقة والفتنة الطائفية، وتجاوز الماضي، لتعزيز وحدة المواقف الإسلامية، التي تلبي مقاصد الإسلام وشريعته.
وقد بدأ المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في البحرين، التحضير والإعداد المبكر للمؤتمر خلال يونيو الماضي، من خلال البدء في التواصل مع كبار العلماء والوزارات المعنية ووالمؤسسات الدعوية والخيرية في العالم الإسلامي.
واستعرض جلالة الملك المعظم والإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر خلال اتصال هاتفي “في أغسطس الماضي” أهمية الحوار بين المسلمين وضرورته الملحة، وأكدا على ضرورة العمل على لم شمل الأمة والتلاحم بين مختلف مكوناتها في مواجهة التحديات المشتركة.
وأعقب ذلك مزيد من التحضيرات والترتيبات حيث قدم سفراء البحرين في عدد من الدول العربية والإسلامية دعوات لوزراء الأوقاف والهيئات الإسلامية والخيرية والدينية في عدد من الدول لحضور المؤتمر. ثم بدأت اللجنة العليا للمؤتمر في عقد اجتماعاتها برئاسة رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن راشد آل خليفة، وعضوية مفتي جمهورية مصر العربية ، والأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، وبقية الأعضاء ممثلي الجهات المنظمة.
وحتى وقت قريب كان البعض ينظر إلى دعوة الإمام الأكبر باعتبارها نداء حماسي سينتهي بعد فترة وجيزة من ترديده، لكن البحرين حملتها على عاتقها وأجرت مشاوراتها وتحضيراتها وقدمت الدعوات، لتزيد الآمال المنعقدة على المؤتمر الإسلامي الإسلامي الذي ينطلق خلال الشهر الجاري.
وتأتي مبادرة البحرين بالحوار داخل الدين الواحد، سعياً منها لتجاوز حالة الاصطفاف المذهبي بما تمثله من تفتيت وتفجير للمجتمعات، وإستئناف جهود بناء التعايش عبر حوار دعوي وعلمي وليس سياسي، من أجل تعزيز المشتركات، ونزع التصورات والممارسات التي تعزز الكراهية وتبني على الوقائع التاريخية صراعات لا يمكن إنهاؤها.
وهكذا، تعطي البحرين أمتها قبساً من أمل في وقف توظيف دين العدل والرحمة في الكراهية والعنف، وتعزيز وحدة الأمة بكل أطيافها وتنوعها.