تتميز مملكة البحرين بوجود دعم حكومي قوي للتعليم والاستثمار في العنصر البشري من أجل التنمية المستدامة التي يشارك فيها الجميع ويحصد ثمارها الجميع أيضاً، كما تتميز بثقافة خيرية ثرية وقطاع خيري كبير، مما يجعل الباب مشرعاً أمام تأسيس أول جامعة وقفية، شريطة أن تتكاتف الجهات الوقفية المعنية مع القطاعات الحكومية والخاصة والأهلية لمعالجة إشكالات تشريعية ومجتمعية واقتصادية وخيرية تسبق ظهور الجامعة.
وتُظهر مؤشرات عالمية مثل تصنيف شنغهاي للجامعات (ARWU) والتايمز للتعليم العالي (THE) الدور المحوري للوقف في دعم المؤسسات التعليمية وتمكينها من تحقيق مراكز متقدمة. فالجامعات ذات الوقف القوي مثل هارفارد وستانفورد وأوكسفورد، على صناديق الوقف لتمويل البحث العلمي، الابتكار، وتقديم منح دراسية، ما يعزز استمراريتها وتفوقها الأكاديمي.
ويُعد الوقف من أعرق المؤسسات في الحضارة الإسلامية، التي تهدف إلى تعزيز التكافل الاجتماعي والتنمية المستدامة، وكان أداة رئيسية لتمويل المشاريع الخيرية والخدمات العامة، مثل بناء المدارس والمكتبات والمستشفيات، مما ساهم في تحقيق العدالة الاجتماعية ونشر العلم والمعرفة.
والوقف التعليمي هو حبس أصل مالي أو عيني بشكل دائم وتخصيص عوائده لدعم العلم والتعليم، ويشمل ذلك تمويل المبادرات والبرامج التعليمية المستدامة. وتتنوع المصارف المرتبطة بالوقف التعليمي لتشمل دعم الطلاب من خلال المنح الدراسية، وتطوير البيئة التعليمية عبر إنشاء المرافق والتجهيزات التقنية، بالإضافة إلى دعم المعلمين وبرامج التدريب والتأهيل، وتعزيز البحث العلمي والابتكار.
ويتمثل في تخصيص أموال أو ممتلكات لأغراض تعليمية مثل بناء المدارس والجامعات، المنح الدراسية، دعم الأبحاث العلمية، ويسهم في تعزيز جودة التعليم كما يشجع على تطوير المعرفة والابتكار، من خلال ضنان إستدامة الموارد المالية للمؤسسات التعليمية.
ويعتمد الوقف التعليمي على استدامة الموارد من خلال استثمار الأصول الموقوفة مثل العقارات، الأسهم، الأصول النقدية، وكذلك الموارد الرقمية في الوقت الحاضر، بما يضمن استمرار تدفق العوائد لدعم العملية التعليمية بشكل مستمر مما يعزز دور الوقف في تحقيق التنمية المستدامة وبناء رأس المال البشري والمعرفي.
وتمثلت أشكاله وصوره في الحضارة الإسلامية، في: المساجد والجوامع كمراكز للعلم ونشر المعرفة، دور العلم والمكتبات العامة مثل خزائن الكتب والمراكز العلمية لدعم البحث والتأليف، المدارس والكتاتيب لنشر التعليم الأساسي والدين، الخانات والأربطة: لتوفير الإقامة والدعم المعيشي لطلبة العلم، المسقفات وهي أوقاف الأراضي والعقارات لدعم التعليم، ووقف البغلة لتيسير تنقل المعلمين ودعمهم ماديًا.
وفي الوقت الراهن، ظهرت أشكال وقفية حديثة تتسم بالابتكار والاستدامة، منها: المكتبات الوقفية، المدارس الوقفية، الجامعات الوقفية، المراكز البحثية الوقفية، الوقف الرقمي مثل إنشاء مكتبات رقمية وتمويل منصات التعليم المفتوح، الصناديق الاستثمارية الوقفية وصناديق الوقف الرقمي.
ويحتاج تأسيس جامعة وقفية بحرينية أو عربية إلى منتدى أو مؤتمر تنظمه الجهة المختصة، لمناقشة تطوير الثقافة الخيرية التي تركز على الأوقاف التقليدية، وإصدار تشريعات مرنة تسهل تأسيس أوقاف تعليمية رقمية وابتكارية، نظراً للاعتماد على الأوقاف العقارية دون تنويع الاستثمارات، إضافة إلى وضع رؤيتها ورسالتها وأقسامها الدراسية والبحثية وشروط الإنتساب إليها.
