في عصرنا الحالي، أصبحت الإنجازات الفنية الكاذبة ظاهرة منتشرة بشكل مزعج، خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي فتحت المجال للكثير من الإدعاءات الفارغة والنجاحات المصطنعة، أصبح بعض الفنانين سواء (مسرحيين رساميين أو حتى موسيقيين) يسعون بجنون لترك بصمة تُسمع على استحياء “مبروك النجاح” ، بينما أعمالهم، بتقدير الفن الحقيقي، تفتقر إلى المضمون والروح، أو تكون مجرد خيال زائف لا يمت للإبداع بصلة.
كمثال على ذلك، يمكن النظر إلى المسرحية التي حملت اسم شهير والتي أُنتجت في 2022م، حاول صنّاعها الترويج لها كعمل فني فريد، إلا أنها قُوبلت بنقد شديد بسبب اعتمادها على اقتباس غير موفق من نصوص مسرحية شهيرة دون الإشارة إلى المصدر، كذلك نجد المثال في الرسام الذي أطلق على نفسه لقب (فنان المستقبل) وروّج في 2021 للوحته (البحر الأخضر)، إلا أن المتابعين اكتشفوا لاحقًا أن اللوحة مستنسخة تقريبًا من عمل أوروبي شهير مع تغييرات طفيفة لا تُذكر.
أو تلك الفرقه التي أجرت كل كوادرها من الخارج واحتفلت بنجاح ليس لأعضائها أي يد فيه .!!
النجاح الحقيقي لأي عمل فني يرتكز على ثلاثة أسس جوهرية أولا يجب أن يكون العمل الفني من صنع الفنان نفسه، وفرقته وشبابه الواعد و مخضرميه، فهو وحده المسؤول عن تقديم بصمته الشخصية، وإبراز هويته الفنية، ثانياً التفاعل مع الجمهور هو المعيار الأساسي لقياس جودة العمل؛ فالفن الحقيقي يترك أثرا في قلوب الناس، ويتحدث عن نفسه دون الحاجة لتضخيم مصطنع، ثالثاً يجب أن يكون العمل أصليا، بعيدًا عن التقليد أو السرقة، أو التسلق على انجازات الآخرين لأن الفن الذي يُبنى على الخداع لا يمكن أن يُصنف كإنجاز.
الفنانون الحقيقيون هم من يتركون لأعمالهم المجال للتحدث عن أنفسها، ولا يقفوا في الزوايا يصفقون لأنفسهم، الفرق شاسع بين النجاح الذي يُخّلده المتلقي والمجتمع، وبين ذلك الذي يصفه الفنان لنفسه فقط، عندما يُذكر عمل عظيم مثل (روميو وجولييت) لشكسبير أو لوحة (ليلة النجوم) لفان جوخ، فإن الأثر الذي تركته في نفوس الناس هو من يتحدث، وليس الفنان ذاته.
لذلك، يجب أن يتوقف هذا اللهاث خلف إنجازات مصطنعة. الفنان الحقيقي هو من يواجه النقد والتحدي بشجاعة، و لا يكون متحفز كالغوغاء بمجرد أن ترى العيون العيوب، ولا هو ذلك من يتسلق على أكتاف غيره، أو يبيع الوهم لمجتمع متعطش للنجاح و مجامل بأن يصفق للوهم.