الرئيسية / مقالات / فعل الروح  (4- 4) بقلم حمدي عبد العزيز

فعل الروح  (4- 4) بقلم حمدي عبد العزيز

hamdi.a.aziz996@gmail.com

ينادي خبراء تربويون بمصطلح “الثقافة الأسرية” بدلاً من “الثقافة الجنسية” إذا أصرت المنظمات الدولية والحكومات على تدريسه كمقرر منفصل، مع أهمية تهيئة الجنسين للحياة الأسرية بما فيها العلاقة الجنسية بين الزوجين، وأحكام الزواج والخلوة وحدود العلاقة مع أهل الزوج وحقوق الأولاد، وحقوق الجار وصلات الأرحام، والعلاقات الاجتماعية والإنسانية.

ويتطلب تضمين منهج “التربية الجنسية” ضمن المناهج التربوية والعلمية نقاشاً متخصصاً بين علماء الدين والنفس والاجتماع والأحياء والهندسة الوراثية، لأن القضية سلاح ذو حدين، إذا أهمل سيحدث الجهل به آثاراً ضارة وخصوصاً على الأطفال والمراهقين، وإذا أبيح على الإطلاق سيحول المجتمع العربي إلى مجتمع غربي وهذا لا يناسب خصوصيتنا الدينية والثقافية.

ويؤكد علماء الاجتماع على دور الأسرة والأم في تثقيف الأبناء وفقاً لمراحلهم العمرية المختلفة، فالطفل في سن الرابعة لديه حب استطلاع لمعرفة نوعه، وحتى ينشأ بصورة نفسية سليمة لا بد أن تساعده الأم فى معرفة هويته الجنسية، وخاصة إذا كان ذكراً وسط بنات، أو بنتاً وسط ذكور، وذلك للوقاية من أية اضطرابات نفسية أو الوقوع في مستنقع الشذوذ الجنسي.

وفى مرحلة المراهقة يعتري الشاب والفتاة تغيرات نفسية وعضوية، واهتمام كل جنس بالجنس الآخر والانجذاب نحوه، وهو ما يتطلب من الأسرة تهيئتهما لما سيعتريهما من تغيرات، وتوصيل المعلومات السليمة، وإقامة جسور الحب والود بين الأسرة والمراهق حتى يلجأ للأسرة عند حدوث مشكلة أو للإجابة عن أية تساؤلات .

ولعل الأنسب لمجتمعنا العربي مفهوم “التربية الأسرية”، ويمكن أن يبدأ فى المرحلة الإعدادية بالتركيز على حقوق الوالدين والعلاقات بين أفراد الأسرة وواجبات الأم والأب نحو أبنائهما، ويليه منهجاً فى المرحلة الثانوية يشمل اقتصاديات الأسرة وميزانية الأسرة وبنودها، وبالنسبة للبنات يتضمن الأحكام الشرعية المتعلقة بالحيض والطهارة وحرمة العورة، والحجاب والعفة، والهدف يكون واضحاً وهو أسرة واعية بحقوقها وواجباتها بالنسبة لكل أفرادها.

أما فى المرحلة الجامعية فيكون الشاب والفتاة على أعتاب الزواج، وينبغى أن يتوافق المنهج مع متطلبات هذه المرحلة بحيث يتضمن واجبات البنت كزوجة وأم وحقوقها كذلك، وأحكام الخطبة وحدودها وضوابطها، وأحكام الزواج والرضاعة والعلاقة الزوجية، وتوعية الشاب والفتاة بأن المتعة الجنسية حلال، ولكن فى إطارها الشرعي المحدد بالزواج.

ولمساعدة الأسرة على تربية أولادها والمدرسة على تحقيق النجاح في هذا البعد التربوي الهام، لابد من إستراتيجية تربوية تتآزر فيها كل وسائل الإعلام ومؤسسات التربية والأسرة حتى تصل المعلومات الصحيحة لأولادنا ونربي جيلاً صالحاً قادراً على بناء أسر صالحة وتربية أجيال جديدة .

وربما يلي صياغة المنهج التربوي ووضع إستراتيجية تربوية شاملة لأدوار المؤسسات، حل بعيد المدى يتمثل في وضع برنامج اجتماعي شامل لتنمية فكر وثقافة احترام المرأة، وتغيير نظرة المجتمع إليها، ومحاصرة القيم الاجتماعية الجديدة التي تختزلها في الجسد، وتطوير الخطاب الديني، وإعادة الأسرة لدورها الريادي في التنشئة الاجتماعية.

صحفي مصري مقيم في البحرين