كان يكفي التلاميذ في السابق الأمور الخاصة بالطهارة وأحكام الأسرة، لكن الآن وصلت العولمة وموجاتها إلى أسرة أطفالنا!، وبات هناك مناهج للممارسات الجنسية ومن بينها العلاقات الشاذة كبديل للعلاقات العادية تحت شعار الدفاع عن حق الأطفال في إشباع رغباتهم، مما يعني ضرورة التربية والتدريس والتوعية والتدريب بشكل يناسب كل مرحلة عمرية لتقليل أخطار ثورة الغريزة، فالدين الحنيف يدعو إلى العلم لأن الحكمة ضالة المؤمن، والإستقلالية مع الاحتفاظ بالحياء، فمن لا حياء عنده لا خير فيه.
ويبدو أن الجانب المؤيد لتدريس مناهج التثقيف الجنسي قد نجح واكتسب أرضية قوية هنا وهناك، دون النظر للحجج التي يقدمها الفريق المعارض.
وتتلخص أسباب تأييد تدريس مناهج الممارسات الجنسية والعلاقات المثلية في المدارس الغربية والإعلام العالمي،في أنها تعلمهم الأساليب الصحية الصحيحة!، بما يكافح الاعتداءات والتحرش الجنسي، أما الرافضون فيؤكدون أن هذه المناهج تعمل على الإيقاظ الجنسي للأطفال منذ فترة مبكرة، بشكل يسيطر على حياتهم اليومية ولا يجعلهم يفكرون إلا في كيفية ممارستها حتى ولو بأساليب خاطئ، بما قد يزيد من مخاطر الاعتداءات، ويشجع على “الزنا” والعلاقات غير الطبيعية.
وعلى الجانب العربي، لا يجب أن نخفي حقيقة أن الأسرة العربية تعاني من نقص المعرفة والاهتمام في التربية الجنسية للأطفال وهذا ما يفسر بعض التصرفات الخطيرة من قبل الأمهات والآباء عند التعامل مع أطفالهم!، التي تتعلق بـ “العيب” في عصر أصبح كل شيء متاح ويصل إليهم حتى أماكن نومهم!.
وهناك صعوبة بالطبع في التربية الجنسية للطفولة المبكرة، فكيف نتحدث لطفل في الخامسة من العمر عن هذه المسائل؟! لكن في هذا العمر بامكاننا أن نتحدث أن النباتات والحيوانات فيها الذكر والأنثى وأن هناك ما يسمى التلقيح الذي ينتج نباتاً جديداً، مع لفت نظره الى الآيات التي ذكر الله فيها أنه خلق الذكر والأنثى، وسرد قصة النبي لوط لكي نبين أن هؤلاء خرجوا عن فطرة الذكر والأنثى فعذبهم الله.
كذلك، فإن تدريس مادة منفصلة، ربما يتضمن لوناً من الإثارة، ويمكن تدريس الثقافة الجنسية في إطار الثقافة الجسمانية التي تتناول الثقافة الفكرية السمعية والبصرية، حتى لا يتم التركيز على التمتع والإثارة وإشباع الرغبات وإهمال باقى أجهزة الجسم .
أو يتم تدريسها في إطار مادة الثقافة الإسلامية العامة، ويمكن أن تقسم إلى جزء يدرس ضمن الفقه، وهو ما يتصل بفقه الطهارة والغسل والفقه، وجزء يدخل فى مادة العلوم يتصل بوظائف الأعضاء، وفى الاقتصاد المنزلي تدرج ضمن النظافة العامة وبعض النواحي الصحية.
إن اختزال التثقيف الجنسي في إكساب واكتساب تقنيات ممارسة الجنس الطبيعي أو الشاذ أمر خطير، فالمفهوم أشمل ويتطرق لآداب الجماع، والتشريح الفسيولوجي، والأمراض والاضطرابات الجنسية وطرق الحماية منها، وهذا يحتاج إطاراً للتربية والتثقيف ضمن منهج جديد يناسب “دين الحياء” وعنوانه “الثقافة الأسرية” وهذا هو موضوع الحلقة القادمة والأخيرة بمشيئة الله.
صحفي مصري مقيم في البحرين