تنعقد القمة العربية الطارئة في مصر، اليوم 4 مارس الجاري، بقيادة رئيس الدورة الحالية للقمة العربية ملك البحرين المعظم، لبحث التطورات المستجدة في القضية الفلسطينية، في وقت شديد الحساسية، تسعى خلاله خطط أمريكية – إسرائيلية إلى تهجير سكان غزة تحت مسمى إعادة تطوير القطاع ليصبح “ريفييرا الشرق الأوسط” مما يضع الدول العربية أمام اختبار عسير لكيفية التعامل مع التحديات التي تهدد الأمن العربي وحقوق الشعب الفلسطيني.
ويأتي هذا الاختبار في سياق عربي، تعاني فيه الدول العربية أولاً من تحديات سياسية وتنموية وأمنية جسيمة بما فيها مخاطر انتشار الإرهاب والنزاعات المسلحة، على نحو يطول استقرار الشعوب العربية، ويهدد حقوق الأجيال القادمة، مما يثير التساؤل المشروع حول آفاق تسويات تلك القضايا ودور القوى الكبري والإقليمية في المنطقة.
وثانياً مخططات أمريكية وإسرائيلية تتمثل في إستئناف صفقات تسوية، دينية وأمنية واقتصادية تعزز التمدد الإسرائيلي دون تطبيق قرارات التسوية الدولية ومبادرة السلام العربية، وبما يذكرنا بالتجربة الأوكرانية عندما سلمت كييف ترسانتها النووية لموسكو مع ضمانات أمنية بحمايتها من جانب واشنطن وأوروبا، لكن هذا لم يمنع موسكو – بغض النظر عن دوافعها الاستراتيجية – من الهجوم على أوكرانيا وشن حرب مدمرة ضدها.
كما تنعقد القمة على أرضية وقف مخطط التهجير من جهة، وضرورة التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة ونهائية لقضية العرب الأولى، على أساس حل الدولتين المستند إلى مرجعيات الشرعية الدولية ذات الصلة، وبما يكفل إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل.
وبالتالي يبحث النظام العربي الحالي عن حل نهائي لا رجعة فيه، ونستطيع أن نقول إنه نجح في تحقيق عدة إيجابيات، يتعلق أولها بالوصول إلى اتفاق لوقف النار بعد اتصالات متعددة لأطراف الصراع، ويرتبط الثاني بوضع خطة لإعمار غزة دون تهجير أهلها في مواجهة خطة الرئيس الأمريكي، فيما يشير الثالث إلى إستيعاب سوريا حتى لا يؤثر التغيير فيها على المنطقة ونظامها الإقليمي بالسلب، والرابع يعنى بتطوير الأطر الحاكمة للعلاقات مع دول الجوار.
لكنه ربما أخفق في تعزيز العلاقات العربية البينية من جهة، والدفع نحو مصالحة فلسطينية لا تكون باباً لوضع النظام العربي في مواجهة الشعب الفلسطيني من جهة أخرى، حيث إن أحد سيناريوهات اليوم التالي لحرب الإبادة الإسرائيلية يتمثل في وضع قوات عربية في القطاع، بما يغري بتنحية حماس بالقوة وحدوث فتنة عربية جديدة.
ومن المتوقع أن تصدر القمة خطة لإعمار قطاع غزة، وأن يتم التحرك بعدها أوروبياً وغربياً، لكن ذلك لن يؤدي إلى رضوخ إسرائيلي خصوصاً مع عودة مخططات الحصار والإبادة الإسرائيلية بالتنسيق مع إدارة ترامب، لذا لابد من التزام عربي جماعي، بإجراءات عملية ملموسة، كفرض عقوبات اقتصادية أو تجميد العلاقات الدبلوماسية مع أي دولة تدعم مخططات التهجير، إضافة إلى إطلاق تحركات دولية للضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل لوقف أي خطوات في هذا الاتجاه.
إن القمة الطارئة تنعقد في سياق تعارض شديد بين منطق القوة الأمريكي والإسرائيلي وقوة المنطق العربية حيث يبحث النظام العربي على سلام قائم على الحق والعدل والاحترام، وما لم يتم اتخاذ خطوات جماعية عملية فإن التهجير والعصر الإسرائيلي سيصبحان أمراً واقعاً.
