الرئيسية / أخبار / مشاركة البحرين في العملية الدولية التي ضبطت أكثر من 822 طناً من المواد المخدرة تؤكد أنها كبيرة في تأثيرها ومسؤوليتها ‏الدولية..‏

مشاركة البحرين في العملية الدولية التي ضبطت أكثر من 822 طناً من المواد المخدرة تؤكد أنها كبيرة في تأثيرها ومسؤوليتها ‏الدولية..‏

تقرير البحرين/المنامة/ مشاركة مملكة البحرين في العملية الدولية المشتركة التي نفذها التحالف الأمني الدولي بالتعاون مع اليوروبول والأميريبول و25 دولة من مختلف قارات العالم، ليست حدثاً عابراً في سجل الجهود الأمنية، بل تعكس بوضوح نجاح السياسة البحرينية في مواجهة أخطر التحديات الأمنية العابرة للحدود والمتمثلة في الاتجار بالمخدرات. هذه العملية التي امتدت لشهرين كاملين بين العاشر من يونيو والسابع من أغسطس 2025، كشفت عن حجم هائل من التهديدات بعدما أسفرت عن ضبط أكثر من 822 طناً من المواد المخدرة تجاوزت قيمتها 2.9 مليار دولار أمريكي، إضافة إلى اعتقال أكثر من 12 ألف متهـم تورطوا في التهريب والترويج.

ما يلفت النظر في هذه العملية ليس فقط ضخامة الأرقام، بل الأسلوب الذي بُنيت عليه، فقد سبقتها تحضيرات طويلة وتبادل معلومات استخباراتية على مدار أشهر، حيث جرى رصد أساليب التهريب المستجدة، وتحليل طرق عمل العصابات الإجرامية، بما وفر قاعدة بيانات واسعة عززت فاعلية الضربات الأمنية المنسقة. وهو ما يؤكد أن مكافحة المخدرات لم تعد مهمة وطنية محدودة بحدود جغرافية، بل قضية دولية تستلزم تعاوناً جماعياً وتنسيقاً متواصلاً.

في هذا الإطار برزت البحرين كطرف فاعل قادر على أن يضع بصمته الواضحة، فالسياسة الوطنية التي تنتهجها المملكة في مكافحة المخدرات أثبتت خلال الأعوام الأخيرة فعاليتها وعمقها، بدءاً من تطبيق المرحلة الثانية من الخطة الوطنية لمكافحة المخدرات التي بُنيت على نجاح المرحلة الأولى بنسبة تجاوزت 97%، مروراً بتكامل الجهود الأمنية مع برامج التوعية المجتمعية، وانتهاءً بالمشاركة في عمليات دولية بهذا الحجم. هذه السياسة لم تقتصر على الجانب الأمني وحده، بل امتدت إلى معالجة الظاهرة من جذورها عبر التركيز على الوقاية والتثقيف وإعادة دمج المتعافين، وهو ما ظهر جلياً في برامج وزارة الداخلية بالتعاون مع وزارات ومؤسسات المجتمع المدني من خلال المبادرات الوقائية والعقوبات البديلة وحملات التوعية الموجهة إلى فئة الشباب.

نجاح البحرين داخلياً في مواجهة هذه الآفة يعزز قدرتها على أن تكون شريكاً موثوقاً على الصعيد الدولي، إذ إن مشاركتها في العملية الأخيرة لم تكن مجرد حضور رمزي بل جزء من منظومة تعاون أمني عالمي يعكس صورة المملكة كدولة صغيرة جغرافياً لكنها كبيرة في تأثيرها ومسؤوليتها الدولية. هذه المكانة ما كانت لتتحقق لولا التوازن الذي أدارته البحرين بين العمل الميداني الداخلي، والتعاون الاستخباراتي الدولي، والتخطيط الاستراتيجي المتكامل الذي يجعل من مكافحة المخدرات قضية تتجاوز مفهوم الضبط والملاحقة لتتحول إلى مشروع وطني وإنساني متكامل.

إن ما جرى يؤكد أن البحرين تسير في مسار ناجح يتسق مع أولوياتها في حماية المجتمع وصون الشباب من أخطار المخدرات، ويضعها في مقدمة الدول التي تتبنى مفهوم الأمن الشامل المبني على الشراكة بين الأجهزة الرسمية والقطاع الأهلي والمبادرات الشبابية، وعلى الانفتاح على التجارب الدولية لتطوير قدراتها. وهكذا، فإن العملية الدولية الأخيرة لا تعد فقط إنجازاً أمنياً عالمياً، بل هي أيضاً شهادة جديدة على نجاح البحرين في ترسيخ سياستها الوطنية لمكافحة المخدرات وتحويلها إلى نموذج يُحتذى في المنطقة والعالم.

إن استثمار البحرين في هذه النجاحات لا ينبغي أن يقف عند حدود المشاركة الفاعلة فحسب، بل يفتح أمامها آفاقاً أوسع للانتقال من موقع المساهم إلى موقع المبادر والقائد في تشكيل تحالفات أمنية إقليمية متخصصة في مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة. فالمملكة بما تمتلكه من خبرة تراكمية، ورصيد من الثقة الدولية، وبنية مؤسسية أثبتت قدرتها على إدارة الملفات الأمنية باحترافية عالية، قادرة على أن تطرح نفسها مركزاً إقليمياً للتنسيق وتبادل المعلومات والخبرات. إن المستقبل القريب قد يشهد البحرين وهي تتقدم بمبادرات لصياغة برامج خليجية وعربية موحدة لمكافحة التهريب وتعاطي المخدرات، مدعومة بنهجها القائم على الدمج بين الأمن والتوعية والتأهيل. وهكذا تتحول التجربة البحرينية من نجاح وطني بارز إلى نموذج قيادي عابر للحدود، يسهم في حماية المجتمعات ويعزز أمن واستقرار المنطقة والعالم.