تقرير البحرين/ خالد ابواحمد
عزّزت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة قوتهما في سوق النفط العالمي، وذلك بعدم استجابتهما لمناشدات الولايات المتحدة بزيادة إنتاج النفط للحد من ارتفاع أسعار الخام الذي ينذر بموجة ركود عالمية بعد غزو روسيا لأوكرانيا، وقد كشف الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الأربعاء إلى الرياض وابوظبي عن ما تمتلكه البلدان من أهمية في سوق النفط العالمي وتأثير على الاقتصاد العالمي المرتبط وثيقا بالنفط وامدادات الطاقة، فالسعودية والإمارات المصدرتين للنفط شريكتين في تكتل أوبك.
ويملكان فائضا في طاقة إنتاج النفط ويمكنهما زيادة الإنتاج وتعويض خسارة الإمدادات من روسيا، لكنهما يحاولان الحفاظ على موقف حيادي بين الحُلفاء الغربيين وموسكو، شريكتهما في تكتل أوبك+ الذي يشمل أوبك ومنتجي نفط مستقلين خارجها، وتلتزم مجموعة أوبك+ بهدف زيادة الإنتاج شهريا بمقدار 400 ألف برميل يوميا، وقاومت ضغوطا لفعل ذلك على نحو أسرع، وفي هذا الصدد قال مصدر مطلع لرويترز قبل اجتماع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مع وولي عهد أبوظبي أمس الأربعاء إن “الإمارات لا تزال ملتزمة باتفاق أوبك+”.
زيارة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون كانت بهدف تأمين إمدادات النفط العالمية وخفض أسعاره و زيادة الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب غزوه لأوكرانيا، لكن حسب الوقائع إن المسؤول البريطاني الكبير فشل في الحصول على تعهدات من أبوظبي والرياض بزيادة إنتاجهما من النفط نظرا لما تتمتعان به من علاقات قوية بموسكو وبوتين ومصلحتهما الكبيرة في زيادة أسعار النفط العالمية لدعم ميزانيتهما.( france24).
وفي البيان الذي نشرته الحكومة البريطانية قبيل الزيارة بساعات قالت فيه “أن زيارة جونسون لأبوظبي والرياض ليوم واحد هي جزء من جهود المملكة المتحدة لضمان عمل دولي منسق بشأن الغزو الروسي لأوكرانيا”، مضيفة “سيلتقي رئيس الوزراء البريطاني في الإمارات بولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، الشيخ محمد بن زايد قبل أن يتوجه إلى الرياض للقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان”.
وأضاف البيان أن جونسون سيناقش “زيادة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على روسيا”، وأنه من المتوقع أن يناقش القادة “الجهود المبذولة لتحسين أمن الطاقة وتقليل التقلبات في أسعار الطاقة والغذاء”، وأن بوريس جونسون “سيركز على تنويع إمدادات الطاقة للمملكة المتحدة”.
وذكر البيان أن جونسون سيقول أنه “يجب على العالم أن يتوقف عن استخدام النفط والغاز من روسيا وحرمان بوتين من استخدامهما”( موقع cnnعربي).
وفي ظل استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا تزداد المخاوف حيال أسعار النفط وامدادات الطاقة من منطقة إلى أخرى، وفي هذا الوقت يحذر المحللون من أننا لم نخرج من المأزق بعد، لا يزال تداول النفط أعلى بكثير من تكلفة إنتاجه، ومن المرجح أن تستمر التقلبات الشديدة في لحظة من عدم اليقين الكبير، في هذا السياق قال بيورنار تونهوغين رئيس أسواق النفط في Rystad Energy (شركة مستقلة لأبحاث الطاقة وذكاء الأعمال) “لا أستبعد 200 دولار للبرميل حتى الآن”مضيفا أن “الأمر قريب جدا”.
وفي ظل هذا الواقع فإن كل السيناريوهات باتت مفتوحة على مصراعيها في هكذا ظروف يمر بها العالم، وربما يصل الغريمان روسيا وأوكرانيا إلى حل لوقف الحرب وتنتهي هذه الحالة المروعة التي يعيشها العالم تحديدا الولايات المتحدة والدول الأوربية التي تشعر بالمخاوف المتزايدة صباح كل يوم جديد ولم يحدث ما يشير إلى وقف هذه الحرب.
قال تقرير لصحيفة (وول ستريت جورنال) “إن دولا ستحقق بعض المكاسب غير المتوقعة من الصادرات، في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا الذي يهدد بتأجيج التضخم وتقليص النمو في جميع أنحاء العالم، وتوقعت الصحيفة أن يؤدي الارتفاع المتزايد لأسعار المواد الغذائية والطاقة إلى زيادة التضخم من آسيا إلى أوروبا والولايات المتحدة”.
دول الخليج العربي سوف تحقق مكاسب من الحرب الروسية على أوكرانيا بفعل امتلاكها القوة النفطية وإذا كان هناك من تأثير فإن سيكون طفيفا لأن المنطقة قد تعودت على الأزمات الاقتصادية، وقد عاشت سنوات أزمة انخفاض أسعار النفط، وبرغم ذلك لم تتوقف برامجها ومشاريعها التنموية، ليس دول الخليج وحدات التي يمكن ان تحقق مكاسب هناك كندا وأستراليا أيضا، وحسب بعض المحللين المختصين فإن هذه المكاسب المالية غير المتوقعة ستمنح دول الخليج موارد إضافية لتمويل المشاريع العملاقة مثل مدينة نيوم بالمملكة العربية السعودية فضلا عن البنية التحتية المرتبطة باقتصاد ما بعد النفط بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين والأمونيا.
عموما أن الكثير من بلاد العالم المتقدم تستفيد من الازمات الاقتصادية العالمية، وذلك بالعمل الجاد على تنويع اقتصاداتها وفتح المجال أمام الابتكار الوطني في إنشاء مواعين استثمارية غير نفطية وقابلة لتوفير فرص وظيفية للشباب ورواد الأعمال الجُدد، والاستفادة من مكامن الموارد المحلية مثل السياحة والتراث الشعبية بأزدهار وتوسيع الصناعات المحلية الشعبية وانفتاحها على الأسواق العالمية.