الفن الإسلامي هو تعبير إبداعي يعكس القيم الجمالية والروحية للحضارة الإسلامية منذ نشأتها. بدأ مع انتشار الإسلام في القرن السابع الميلادي، متأثرًا بالفنون السابقة في بلاد فارس وبيزنطة والرومان، لكنه تطور ليصبح فنًا فريدًا يجمع بين البساطة والرمزية والثراء الزخرفي. امتد الفن الإسلامي عبر العصور في مختلف المناطق التي وصلها الإسلام، من الأندلس في الغرب إلى ماليزيا في الشرق، وتنوعت أشكاله بين العمارة والخط والتجليد والزخرفة والنحت والرسم.
من أهم عناصر الفن الإسلامي الزخرفة الهندسية التي تعتمد على تكرار الأشكال والأنماط، مما يعكس مفهوم اللانهاية والامتداد الروحي. كما تُعد الزخرفة النباتية من العناصر الأساسية، حيث تستخدم أوراق النباتات وأغصانها بطريقة تجريدية تعبر عن الجمال الإلهي. أما الخط العربي، فهو من أبرز عناصر الفن الإسلامي، إذ لم يكن مجرد وسيلة للكتابة، بل أصبح فنًا بحد ذاته يتخذ أشكالًا متعددة مثل الخط الكوفي والثلث والنسخ والديواني والفارسي. ارتبط الخط بالروحانية الإسلامية، حيث زينت به جدران المساجد والمخطوطات والمصاحف، مما جعل الكلمة المكتوبة جزءًا من الجمال البصري الإسلامي.
تناولت موضوعات الفن الإسلامي جوانب متعددة، من أبرزها الفن الديني الذي ظهر في زخرفة المصاحف والمباني الدينية، والفن الدنيوي الذي برز في تزيين القصور والأدوات اليومية. تجنب الفن الإسلامي تصوير الكائنات الحية في الفنون الدينية، لكنه استخدمها في الفنون الأخرى مثل المنمنمات الفارسية والعثمانية. كما عُرفت المدارس الفنية الإسلامية المختلفة، مثل المدرسة المغربية التي تميزت بالزخرفة الهندسية والبلاط المزجج، والمدرسة العثمانية التي أبدعت في فنون الخط والتجليد.
في ماليزيا، برز الفنان عبد الرحمن جليل الذي قدم أعمالًا تجمع بين الأسلوب الإسلامي التقليدي والمعاصر، ومن لوحاته الشهيرة لوحة (نور الإيمان) التي تتميز بتداخل الخطوط العربية مع الزخرفة الإسلامية. في موريتانيا، يتجلى الفن الإسلامي في النقوش المعمارية التقليدية، أما في جزر القمر، فينعكس في تصميم المساجد ذات الطابع العربي الإفريقي. في الصومال، يظهر الفن الإسلامي في الأبواب الخشبية المزخرفة، بينما يتجلى في المغرب في فن الزليج والمنمنمات.
في السودان، يتميز الفن الإسلامي بالزخرفة على المباني الطينية والمساجد التي تحاكي العمارة النوبية والإسلامية. ومن أبرز الفنانين السودانيين في هذا المجال “عثمان وقيع الله”، الذي اشتهر باستخدام الخط العربي في أعماله. في البحرين، نجد الفن الإسلامي في النقوش الجصية والخشبية، خاصة في البيوت القديمة مثل بيت القرآن الذي يضم مخطوطات قرآنية مزخرفة. في مصر، تُعتبر المساجد التاريخية مثل مسجد السلطان حسن ومسجد ابن طولون من روائع الفن الإسلامي، كما برع فنانو مصر في المنمنمات والزخارف الفاطمية والمملوكية. في العراق، ظهر الخط العربي بقوة من خلال أعمال الخطاطين الكبار مثل ابن مقلة وابن البواب، وتتميز العمارة الإسلامية هناك بزخارف القباب والمآذن الفريدة. في ليبيا، نجد الفن الإسلامي في العمارة الأندلسية المنتشرة في المدن القديمة مثل طرابلس، حيث تتجلى الزخرفة الهندسية والخط العربي في المساجد والأسواق القديمة.
لعب الخط العربي دورًا محوريًا في تشكيل الهوية البصرية للفن الإسلامي، حيث لم يكن مجرد أداة لنقل النصوص، بل أصبح عنصرًا زخرفيًا يُستخدم في العمارة والمخطوطات والملابس والسيراميك. كان الخطاطون من أكثر الفنانين تقديرًا في المجتمع الإسلامي، ومن أبرزهم ابن مقلة وابن البواب، اللذان وضعا أسس الخطوط العربية. وحتى اليوم، يظل الخط العربي جزءًا أصيلًا من الفنون الإسلامية، يُستخدم في اللوحات الحديثة التي تمزج بين الحروفية والتجريد، ليؤكد على استمرار رحلة الفن الإسلامي عبر الزمن.