الرئيسية / أخبار / نقطة. خطر جديد..!! بقلم- منى الروبي
منى الروبي

نقطة. خطر جديد..!! بقلم- منى الروبي

المقاس: cm 40×60 نواع ؛ Pop & D- الفنان : منى الروبي، يونيو 2025

في ركنٍ من مرسمي الصغير، ووسط بياض الجدران الملطخة بالأحلام والخذلان، ولدت لوحتي: (نقطة. خطر جديد)، لم تكن مجرد تمرين على أسلوب فني مهجن، بل كانت فقع دمل  عاطفيًا، سياسيًا، اخترت أسلوب البوب آرت، تماما كما فعل أندي وارهول حين جعل من علبة حساء (كامبل) أيقونة، وكما صدم روي ليختنشتاين العالم بنقاطه وتقنيات الكوميكس، أردت أن أستعمل السطحي لفضح العميق، استدعيت خلفية من الأبيض المنقط والأسود القاسي، في محاكاة صارخة لحيرة لا تهدأ.

لكنني لم أتوقف عند البوب آرت وحده، بل مزجت وجوها واقعية مشوهة، تشبه أعمال باسكيات أو فناني السايكدليك آرت الذين جعلوا من الفوضى واللون رسالة، الأصفر الفاقع في الجهة اليمنى ليس مجرد لون، بل توترٌ لا يُفسَّر، انعكاس لحالة الخوف من المجهول التي تعم منطقتنا، الانفجارات لم تعد من السماء فقط، بل من داخلنا، أما الوردي المنتفخ على الأنف، فيشبه أنف مهرّج يضحك (مسرحيه حقيقية) رغم الألم، يشاركنا عبث هذا المسرح الكبير، حيث يطلب منّا الضحك رغم كل الخسائر.

وفي قلب هذا الوجه، عيون لا ترمش، تحدق، تتوسل أن نراها. عيون أطفال، نساء، سياسيين، كلهم خائفون، وضعت حولها خطوطا سوداء ثقيلة، رغبة يائسة في السيطرة على الفوضى، سجن للمشاعر، محاولة لرسم قيد مرئي على ما لا يُقال، هذه الخطوط تفضح عجزنا، كما فعل فرانسيس بيكون عندما مزّق الوجوه ليكشف قبح العالم.

هذه اللوحة خرساء، لأنني لم أجد غير الرسم صراخا. الضغوط السياسية، التهميش، الأسئلة الوجودية، والقلق على الإنسان، كلها وجدت طريقها إلى هذه المساحة الصغيرة، فكيف يمكنني أن أصنع الجمال وسط هذا القبح؟ كيف أغني لطفلي أن “بابا جاي الساعة ستة” وهو قد استشهد؟، في هذه اللوحة، لم أكن أبحث عن فن يُعلّق على جدار، بل عن أثر يُزرع في الوعي. لم تُعرض بعد في قاعة كبرى، لكن في خيالي، هي هناك، تقف بجانب لوحة “الصرخة” للفنان ايدفارد مونيك وتهمس للمارة: “أنصتوا… نحن نكاد نختنق”.