الرئيسية / أخبار / لماذا استهداف البحرين المتواصل بمحاولات ادخال شحنات المخدرات..؟!

لماذا استهداف البحرين المتواصل بمحاولات ادخال شحنات المخدرات..؟!

تقرير البحرين/المنامة/ نشرت الصحف اليوم الأحد خبرا يقول أن إدارة مكافحة المخدرات بالإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية ألقت القبض على عدد من الأشخاص لمحاولتهم تهريب وحيازة حوالي 14 كيلو جرام مواد مُخدرة تقدر بأكثر من 24000 دينار، وذلك في إطار الجهود الأمنية التي تقوم بها لحماية المجتمع من آفة المخدرات وتطبيقاً للقانون، جاء القبض على الأشخاص بالتعاون مع شئون الجمارك في وقائع مختلفة لمحاولتهم تهريب وحيازة كميات من المواد المخدرة، والذين تم القبض عليهم يحملون جنسيات مختلفة تتراوح أعمارهم  بين 20-49 عاماً.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذه المحاولات المستمرة لاستهداف واغراق البحرين بالمخدرات..؟.

لهذا الاستهداف أبعاد متعددة، تتجاوز البعد الجنائي المعتاد، وتفتح الباب لقراءات أعمق تمس الجغرافيا السياسية، والتوازنات الإقليمية، والوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.

أولًا: البحرين تحتل موقعًا استراتيجيًا على خريطة الخليج العربي، يجعلها نقطة عبور مهمة بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، هذا الموقع يجعلها هدفًا مغريًا لشبكات التهريب العابرة للحدود التي تبحث دائمًا عن ممرات آمنة أو ثغرات محتملة في الأنظمة الجمركية. ومع تطور وسائل الرصد والمراقبة في البلدان المحيطة، أصبحت البحرين إحدى النقاط التي تحاول هذه الشبكات اختراقها، إما كنقطة عبور أو كسوق مستهدفة.

ثانيًا: هناك من يقرأ في هذه المحاولات المتكررة محاولات لإرباك الداخل البحريني، أو التأثير على نسيجه الاجتماعي، عبر إغراقه بمواد مدمّرة تستهدف الشباب بالدرجة الأولى، وهنا لا يمكن استبعاد البعد السياسي، إذ أن استهداف المجتمعات بالمخدرات لطالما كان أداة من أدوات الحرب الناعمة، التي تسعى لإضعاف الجبهة الداخلية، وتفكيك الروح المجتمعية، دون الحاجة إلى إطلاق رصاصة واحدة.

ثالثًا: تأتي هذه المحاولات أيضًا في ظل استقرار أمني واضح تعيشه البحرين مقارنة بعدد من دول الجوار، ما يجعلها محطّ تركيز لعصابات المخدرات التي تبحث دائمًا عن بيئة مستقرة يمكن من خلالها التسلل والتغلغل قبل أن تُكتشف، كما أن السلطات الأمنية في مملكة البحرين بفعاليتها وكفاءتها، أصبحت يشكل حاجزًا صلبًا أمام هذه المحاولات، وهو ما يفسّر العدد الكبير من العمليات التي يتم إحباطها، ويؤكد أن ما يُعلن هو فقط رأس جبل الجليد.

رابعا: من المهم جدا التوضيح بأن فئة الشباب في البحرين هي التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، ويعول على شباب البحرين في تحقيق التنمية المستدامة التي تنشدها البحرين وتسعى حثيثا لجعلها واقعا على الأرض من أجل تحقيق الرفاه الاجتماعي، الشباب الآن في كل مكان يبذول الجهد والعرق في ريادة الأعمال من خلال شركاتهم وأعمالهم التجارية، وفي مؤسسات الدولة خيرة الكفاءات التي استثمرت فيهم مملكة البحرين من خلال الرؤى السديدة لجلالة الملك المعظم وصاحب السمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظهم الله، وفي القطاع الخاص الواسع الامتداد، وفي القطاعات المؤثرة مثل القطاع المصرفي، لذلك يتم استهدافهم كقوة دافعة للتقدم والازدهار.

وأخيرًا: لا يمكن فصل هذه الظاهرة عن السياق العالمي، حيث المخدرات أصبحت جزءًا من اقتصاد الجريمة المنظم، تموّله وتديره شبكات دولية لها ارتباطات بجهات سياسية واقتصادية تسعى إلى زعزعة استقرار الدول الصغيرة أو استغلالها كممرات آمنة لتجارة سوداء تتغذى على الخراب.

إن تكرار هذه المحاولات يوجب استمرار حالة التأهب، وتوسيع دائرة الشراكة المجتمعية في المواجهة، وتعزيز العمل الاستخباراتي والتنسيق الإقليمي والدولي. فالمخدرات ليست مجرد مواد سامة، بل هي أدوات في صراع معقّد، تتطلب من الدولة والمجتمع أن يكونا معًا في خندق واحد.