شهد منتصف عامنا هذا 2025م إصدار كتاب فريد من نوعه تناول سيرة حياة الكاتب الصحافي المعروف محمد الماجد عنوانه “محمد الماجد: القلم المتوحش الأليف”، من إعداد الابن البار بأبيه الأستاذ أسامة الماجد، الذي سار على نهج والده كصحافي ومؤلف في آن واحد.
غطى الكتاب من خلال فصوله العشرة سيرة حياة محمد الماجد من جميع جوانبها، وهي تغطية غنية بالمعلومات المتعلقة بشخصية الصحافي والكاتب محمد الماجد، مع إبراز دوره الفاعل في كتابة المقالات المتنوعة في أهدافها التي نشرتها الصحافة البحرينية، وهي مقالات هادفة ذات نبرة إصلاحية في مضامينها، إضافة إلى كتاباته التي غطت الجانب الثقافي.
بدأ الكتاب بمقدمة موجزة كتبها معد الكتاب ابنه الأستاذ أسامة تحدث فيها عن قصة حياة والده المأساوية التي عاشها منذ طفولته، معبرًا عن سيرة حياة والده الغزيرة بالعطاء والتحديات. فقد لخص حياة والده من جميع جوانبها بأسلوب سلس في صفحتين، لكنها تغني عن عشرات الصفحات.
قدم الفصل الأول من الكتاب شرحًا عن طفولته وبداية تعليمه ومواظبته على القراءة لتثقيف ذاته. كما تمت الإشارة إلى جميع الكتب التي ألفها وسلسلة المقالات التي كتبها ونشرها في الصحافة. وغطى الفصل الثاني وعنوانه (هكذا قال) مجموعة من أقواله المهمة غطت 6 صفحات من الكتاب، نذكر مثالًا من أقواله وهو: (لا أخجل من كوني لم أتعلم شيئًا من المدارس النظامية بقدر فخري بأنني استطعت أن أكون كاتبًا عصاميًا).
خصص الفصل الثالث من الكتاب لنشر معظم مقالاته، فقد تمكن معد الكتاب من توثيق 45 مقالة نشرت معظمها في جريدة “الأضواء” والبقية نشرتها جريدة “أخبار الخليج”.
اختار محمد الماجد لمقالاته عناوين تجذب القارئ وتجعله يقرأ المقالة في الحال لمعرفة ما الذي يقصده الكاتب في مقالته، الأمر الذي أدى إلى اهتمام القراء بقراءة مقالاته ويتم تداولها والحديث عنها بل ومناقشتها بين القراء حيث يحتدم النقاش بين القراء بشأن ما تعنيه مقالاته.
من بين تلك العناوين المثيرة على سبيل المثال لا الحصر العناوين التالية: (يا أمة ضحكت من جهلها الأمم، ورسالة مفتوحة إلى سارتر، وسوق الحمير، وحكايات الفيلسوف الذي صنعته القسوة، وأدبنا موجود ولكن في أدراج مكاتبنا، وفليسقط الخطأ وتعيش الحقيقة، ولو كان لهذا الكون ضمير لانتحر!).
خصص الفصل الرابع لتناول “دراسات نقدية عن تجربته”. فقد ساهم في كتابة تلك الدراسات كبار الأدباء والنقاد المعروفين في مملكة البحرين، ومن بينهم الأديب الناقد الدكتور إبراهيم غلوم الذي تناول في دراسته النقدية التي صدرت في كتاب عام 1981م عنوانه “القصة القصيرة في الخليج العربي”، تناول بالنقد بعض القصص التي كتبها محمد الماجد.
تناول الدكتور إبراهيم غلوم في كتابه القصص التي ألفها محمد الماجد بالنقد ذاكرًا: إن أكثر ما تميزت به قصص الماجد هو نزعتها المتشائمة التي استمدت قمتها وتمردها من فلسفة العبث والعدمية، ثم تعبيرها عن الحالة الذهنية والوجدانية الممزقة بالحوار الداخلي الذي يرصد تلك الحالة ويرسمها بدقة فنية شديدة، ويلعب هذا الحوار في أكثر من قصة ومن بينها: لا مرفأ للضائعين، والعالم يموت في المحرق، ومن أحداث يوم تافه.
وفي دراسة للدكتور محمد جابر الأنصاري نشرها في “مجلة الدوحة” عام 1976م تناول فيها المجموعة القصصية الأولى للكاتب محمد الماجد والتي حملت عنوان “مقاطع من سيمفونية حزينة” قال عنها بالحرف الواحد: الماجد ليس قاصًا.. ولا كاتب مقالة.. ولا شاعرًا أو مسرحيًا.. إنه فقط كاتب مجد من أولئك الكتاب الذين يتميزون بأسلوب فريد متميز يقرأ لذاته لا لشكله الفني.
يختم الدكتور الأنصاري نقده بالقول: لكن الحق أقول لكم، إن هذا القلم سينبعث أقوى وأخصب كالطائر الفنيق المنبعث من الرماد.. ويا أيها الكاهن الدلموني الأغبر مزيدًا من التراتيل.
وحري بالذكر أن الدكتور محمد جابر الأنصاري أطلق على دراسته التي تناولها عنوان “هذا القلم المتوحش الأليف”، فاقتبس معد الكتاب تلك العبارة عنوانًا لكتابه “محمد الماجد.. القلم المتوحش الأليف”.
قال عنه الدكتور عبدالحميد المحادين: إن محمد الماجد واحد من رموز الحركة الأدبية الحديثة في البحرين، اتخذ لنفسه أسلوبًا واتخذ لنفسه فلسفة واتخذ لنفسه في النهاية موقفًا. كان محصلة ضرورية لمعطيات عدة، ومداخلات، لكنه كان واثقًا من خلال حساسية مفرطة كان يحقق لنفسه خصوصية، هي أبرز ما يمكن أن يكون محمد الماجد قد فعل.
تناول الفصل الخامس معارك الماجد الأدبية، فقد دخل الماجد في معارك أدبية كان أشهرها معركة فجرتها قارئة لم تفصح عن اسمها، أرسلت رسالة إلى جريدة “الأضواء” مستغربة من فوز قصص الماجد القصيرة التي فازت في مجلة “هنا البحرين” وهي كما تذكر تلك المرأة أنها قصص تنتهي بالموت متسائلة: لماذا كل هذا الحزن؟
احتدمت هذه المعركة التي بدأتها القارئة بين محمد الماجد من جهة وعلي سيار من جهة أخرى، وانتهت هذه المشادة بوقوف الدكتور غازي القصيبي إلى جانب محمد الماجد. فقد عبر من خلال مقال كتبه، أعلن فيه أنه أكثر ميلًا لرأي الماجد في هذه المعركة.
غطى الفصل السادس لقاءات صحفية نشرتها مجلة “صدى الأسبوع”، وجريدة “الأضواء” مع محمد الماجد. وركز الفصل السابع على اقتراحات ومطالبات قدمها الماجد. فقد طالب بيوم عالمي للصحافة، وتقديم جوائز لكتّاب المسرح، وإنشاء كلية للتدريب المهني، وتأسيس جمعية للرفق بالحيوان.
وثق الفصل الثامن ترأسه وفد “أسرة الأدباء والكتاب البحرينية” لتمثيل البحرين في مؤتمر الأدباء العرب الثامن في دمشق، ومهرجان الشعر العاشر في الفترة من 11 إلى 15 ديسمبر 1971م، وهذا أول مؤتمر عربي تحضره الأسرة، حيث ألقى كلمة البحرين في ذلك المؤتمر.
غطى الفصل التاسع من الكتاب الحوارات التي أجراها محمد الماجد مع كبار الأدباء في الوطن العربي، ونشرت تلك المقابلات في جريدة “الأضواء” في نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن العشرين.
من بين رموز الفكر والأدب العربي الذين قابلهم الماجد شاعر البحرين الكبير الأستاذ إبراهيم العريض، والشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري، وكذلك الشاعر العراقي كاظم جواد. كما قابل الكاتب المصري المعروف محمد السعدني، والأديب الشاعر الدكتور غازي القصيبي.
ختم معد الكتاب السيد أسامة الماجد بالفصل العاشر الذي غطى 66 صفحة لمقالات وكلمات كتبها مجموعة من الأدباء والشعراء والكتاب البحرينيين المعروفين الذين كانت لهم علاقة مع الصحافي والكاتب محمد الماجد، بلغ عددهم 23 كاتبًا وأديبًا. وتعبر جميع مقالاتهم عن الدور الكبير والفاعل الذي أنجزه محمد الماجد في مجالي الصحافة والتأليف، إضافة إلى الجهود التي بذلها من أجل نشر الوعي الثقافي بين أبناء المجتمع البحريني، وجميع تلك المقالات قمينة بالقراءة والاطلاع.