الرئيسية / مقالات / ثلاث مئويات بحرينية..بقلم أسامة مهران

ثلاث مئويات بحرينية..بقلم أسامة مهران

في عام 1919 وبينما كان العالم يرزح تحت وطأة الحرب العالمية الأولى، كانت حضارة في أقصى المشرق العربي توشك على البزوغ، ورغم أن العالم كان يحاول أن يتنفس الصعداء من بين أطلال الحياة الآفلة، كانت البحرين تستعد لإطلاق ثلاث مشارع وطنية كبرى، أحدها يرتبط بالأمن، بالأمان، بالحراسة لمنجزات، والذود عن تجارة عابرة، ومغاصات بحرية غائرة، وثروات قومية آن لها أن تخرج من دانات اللؤلؤ وحقول المرجان.

عالم يتحطم تحت نيران المدافع الفتاكة، وجزيرة مشرقة من بين شموع الصحاري المضيئة، وفوق تلال الشرق اليانعة تحمل إحدى هاماتها مدرسة الهداية الخليفية مطلقة بذلك أول شرارة نورانية تضيف بها إلى علوم الدنيا، وعقول الكون المتجهم المُريب.

أول مصرف عالمي يختار البحرين منطلقًا وملاذًا من مخاطر البارود هو البنك الشرقي، مركز شرطة المنامة – نواة لوزارة داخلية ذات ألق خاص، ومدرسة هداية خليفية بطاقة مرور إلى دنيا التعليم والتعلم، البنك الشرقي «ستاندرد تشارترد» نواة لأهم مراكز أعمال في المنطقة بعد ذلك.

ثلاث مئويات بحرينية من مدرسة إلى مئات المدارس وعشرات المعاهد والجامعات، من مصرف واحد إلى 500 مصرف متعددة المهام والوظائف والكيانات، ومركز شرطة في العاصمة المنامة يتحول إلى منظومة أمنية متكاملة على أحدث طراز عصري، وأرقى نظام تكنولوجي، وأصوب إحداثي تتبعي.

دولة متكاملة المؤسسات، ومئوية مرفوعة الهامات، وأيام أجمل مازلنا بصدد صيانة رؤيتها مع قدوم العام 2030.

العالم كله يحذر من أزمة مالية عالمية جديدة بعد أسابيع، أي مع مطلع العام 2020، وصندوق النقد الدولي يمشي على خطى «البجعة السوداء»، حيث الكوارث لا تأتي متشابهة، والمصائب لا تتكرر نفسها، وطبق الأصل قد يتحقق في أي شيء إلا عندما يكون الأمر مرتبطًا بنمو يضيع مع ركود، وبنهضة تختفي مع كساد عظيم، وحضارة بشرية يلتهمها «تسونامي» مهيب.

العالم مر منذ كساد 1929 بنحو 33 حالة ركود، آخرها في عام 2008، أما ما يمكن أن يحدث في 2020 فيتوقع الصندوق الدولي أن يكون ركودًا عظيمًا، أسبابه غير معلومة لكن مقدماته ظاهرة للعيان، نتائجه ليست بالضرورة مكتوبة في قلب فنان لقارئة مكشوف عنها الحجاب، لكنها ستؤدي إلى انهيارات مالية وإنتاجية ولوجستية وإنسانية، ومن يدري؟!

البحرين تحتفي بثلاث مئويات، لثلاث مؤسسات تصون بها الاقتصاد وتحفظ ديمومته وتذود عن روعته، وعالم يبشر برعب لا توازن فيه، وأطلال لا حياة بعدها، وعالم مديون من قمة رأسه حتى أخماص قدميه بنحو 244 تريليون دولار أي أكثر ثلاث مرات من الناتج المحلي للكون، 100 تريليون على الشركات والمؤسسات والباقي موزعة بين الحكومات والأفراد.

الولايات المتحدة الأمريكية أكبر المدينين باقتصاد يعادل 24.4% من إجمالي الناتج الإجمالي للكوكب، و 15.6% للصين أي بنحو 40% مع أمريكا من هذا الناتج، هي أكبر دول العالم استيرادًا والثانية تصديرًا.

قد تكون هذه الحرب هي حصان طراودة الذي يقود نحو «اليازا و أوديسا» كونية، وقد تكون المديونيات هي ثقب الإبرة الذي يفك شفرته ركود عظيم، أو كساد لا يزيد عمره أو اتساع رقعته عن أعوام شديدة الشبه مع تلك العجاف التي بشر بها النبي يوسف في مطلع نبوءاته المباركة، وقد يكون الركود الأشبه بذلك الذي حدث في 2008 ممتدًا إلى ربعين فقط من فصول السنة الميلادية القادمة، بالنتيجة لا الحرب العالمية التجارية سبب مؤكد، ولا للمديونية العالمية الكارثية أثر مباشر، ولا حتى اضطرابات هونج كونج التي تستورد بما قيمته 650 مليار دولار سنويًا وتصدر بنحو 380 مليارًا، هي التي ستقود العالم إلى الركود العظيم، أو إلى الكساد «الأليف».

البحرين تعيش ثلاث مئويات والعالم يفصح عن عشرات التريليونات في كوارث كونية، ومديونيات دولية، وخسائر من العيار الأثقل في التاريخ.

هل البحرين بمنأى، هل البحرين داخل حزام الكوارث الاقتصادية، والزوابع الافتراضية، وعلى خطوط التماس مع شقيقاتها في المنطقة؟ ربما حيث التوتر الشرق أوسطي، الحالات اليمنية والليبية والسورية، الأطماع الإيرانية والتركية والإسرائيلية جميعها قد تفجر كابوسًا لا يقل ضراوة عن حرب تجارية بين الصين وأمريكا، أو عن مديونيات دولية تزيد ثلاث مرات عن حجم الاقتصاد العالمي، أو حتى عن حالة عدم يقين تجتاح المتظاهرين في هونج كونج وأمريكا اللاتينية والعراق ولبنان، والله وحده أعلم.

عن صحيفة (الأيام) البحرينية

عن admin

صحفي وكاتب ومستشار اعلامي

شاهد أيضاً

في الأكاديمية الملكية للشرطة.. كل خريج قصة أمنٍ واعٍ..بقلم د. بثينة خليفة قاسم

إن التعليم هو أعظم سلاح يمكن لأي دولة أن تمتلكه في معادلة الأمن الوطني، فلم …