الرئيسية / أخبار / مهندس الاقتصاد البحريني في واشنطن..بقلم عبدالمنعم ابراهيم

مهندس الاقتصاد البحريني في واشنطن..بقلم عبدالمنعم ابراهيم

حين تلتقي الإرادة السياسية بالرؤية الاقتصادية الطموحة، تولد شراكات لا تُقاس بالأرقام فقط، بل تُقاس بتأثيرها العابر للأجيال. وهذا ما عبّرت عنه زيارة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إلى الولايات المتحدة الأمريكية في يوليو 2025، والتي مثّلت محطة فارقة في مسار العلاقات البحرينية الأمريكية المتصاعدة.

لم تكن الزيارة مناسبة بروتوكولية، بل منصة استراتيجية لتأكيد تحالف متعدد الأبعاد يمتد من الأمن إلى الاقتصاد، ومن التكنولوجيا إلى الطاقة، في ظل متغيرات دولية وإقليمية تتطلب وضوحاً في الرؤية وجرأة في التحرك.

في صلب هذه الزيارة، برزت الحزمة الاستثمارية الضخمة التي أُعلن عنها بقيمة 17 مليار دولار، تعبيراً عن الثقة المتبادلة بين المنامة وواشنطن، وتأكيداً على متانة الشراكة الاقتصادية. من بين أبرز مكوناتها: استثمارات بحرينية في السوق الأمريكية بقيمة 10.7 مليار دولار، واستثمار بقيمة ملياري دولار من قبل صندوق ممتلكات في الصناعات التحويلية المرتبطة بالألمنيوم، أحد ركائز الاقتصاد الوطني.

ولأن النقل الجوي بوابة رئيسية للتنمية، تم توقيع اتفاق بين طيران الخليج وشركة بوينغ بقيمة 4.6 مليار دولار لشراء 18 طائرة من طراز “787 دريملاينر”، ما يدشن مرحلة جديدة في تحديث أسطول الناقل الوطني ورفع كفاءته وربطه بمزيد من الوجهات العالمية.

كما وقّعت مملكة البحرين اتفاقية تعاون في مجال الطاقة النووية السلمية، تعكس رؤيتها في تنويع مصادر الطاقة والاتجاه نحو الاستدامة، وتُسهم في تمكين المملكة من استكشاف حلول بديلة آمنة وفعالة للطاقة، تدعم أمنها الطاقي وتعزز جهود الربط الخليجي.

وفي خطوة نوعية لتعزيز البنية الرقمية، أُعلن عن مشروع الكابل البحري الجديد، الذي سيربط منطقة الخليج بالشبكات العالمية، ما يرفع من كفاءة الاتصالات، ويفتح آفاقاً رحبة أمام التحول الرقمي. كل هذه الملفات تندرج ضمن الإطار الأوسع لاتفاقية التكامل الأمني والازدهار الشامل (C-SIPA) الموقعة في سبتمبر 2023، التي أرست دعائم التعاون البحريني الأمريكي في الدفاع والتنسيق العسكري وتكامل المصالح الاقتصادية.

وتأتي زيارة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء لتأكيد التزام البحرين بتنفيذ هذه الاتفاقية ودفعها خطوات إلى الأمام، خصوصًا مع انضمام المملكة المتحدة إليها، بما يعزز بعدها الدولي ويؤكد ثقة الشركاء العالميين في المنامة.

وهنا يثبت سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، مهندس الاقتصاد البحريني في عصرها الحديث، مجدداً أنه الرجل الأمثل والأنسب لإعادة اقتصاد مملكة البحرين إلى مكانته الطبيعية كمركز عالمي ونقطة التقاء الشرق بالغرب، وكيف لا وهو يسير على نهج حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، صاحب النهضة البحرينية الشاملة، وعرّاب التحول التاريخي الذي تشهده المملكة في مختلف المجالات. لقد أصبحت بصمات سموه واضحة في كل إنجاز اقتصادي واستثماري، وكل خطوة متقدمة تتخذها البحرين نحو المستقبل، مؤكداً من خلال هذه الزيارة أن الرؤية الاقتصادية البحرينية تسير بخطى واثقة نحو الريادة.

وفيما تؤكد هذه الزيارة بعد البحرين الاستراتيجي، فهي في الوقت ذاته تجدد التأكيد على ثوابت المملكة الحضارية والإنسانية، المتمثلة في نشر قيم السلام والتسامح والتعايش، وتقديم البحرين كنموذج إنساني منفتح، يُزاوج بين التقدم الاقتصادي والتمسك بالهوية، بين المصالح والشراكة، وبين الثوابت والانفتاح الذكي.

من واشنطن، بعثت مملكة البحرين برسالة واضحة، أنها حاضرة بثقة، مبادِرة بذكاء، متمسكة بهويتها، منفتحة على العالم، تصنع السلام، وتستثمر في المستقبل.

عن صحيفة (الوطن) البحرينية