اجتمع رؤساء دول وحكومات 20 بلداً ومسؤولون من 10 منظمات دولية، من منطقة أوراسيا “قلب العالم” في مدينة شنغهاي الساحلية الكبيرة التي تمثل رمزاً للتنمية الاقتصادية في الصين (الأحد 31 أغسطس)، في مسعى مستمر لتقديم نموذج متعدد للعلاقات والنظام الدولي. ومن المعروف أن 5 دول خليجية من بينها مملكة البحرين، انضمت للمنظمة كـ “شريك حوار”، ليس لتغيير تحالفاتها الاستراتيجية، ولكن لتنويع خياراتها ومكاسبها الاقتصادية والاستراتيجية والسياسية في عالم متحرك.
وبمتابعة السياسة الخارجية البحرينية، والنهج الدبلوماسي القيادي، نجد أن المملكة ودول الخليج تحرص على تعزيز الروابط وتوثيقها مع الصين وأعضاء منظمة شنغهاي، بما يخدم أجندتها في تعزيز انفتاحها على الشرق ويمنحها المزيد من الامتيازات السياسية والاقتصادية.
وفي هذا الإطار، عقدت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية قمة خلال العام الجاري، مع دول رابطة (آسيان)، والصين، وسط آمال بتعزيز التعاون الاستراتيجي وزيادة التبادل التجاري بين الكتلين والصين، لا سيما في ظل التحديات والمتغيرات الاقتصادية في المنطقة والعالم، حيث رسمت الأطراف الثلاثة خارطة طريق للتعاون الاستراتيجي للفترة 2024 – 2028.
أما منظمة شنغهاي، التي تأسست 2001، فتأسست وفق “روح شنغهاي”، التي تركّز على بناء الثقة وحسن الجوار بين الأعضاء، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. وكانت تعنى في بداياتها بالمسائل المتعلقة بالأمن ثم تحولت للقضايا الاقتصادية، وسوف يزداد هذا الاهتمام في ظل “حروب الرسوم الجمركية”.
ومن الدول البارزة في المنظمة الصين والهند، الدولتان الأكثر تعداداً للسكان في العالم (يمثّلان معاً 2.8 مليار نسمة) واللتان كانتا تتنافسان على النفوذ في القارة الصفراء، لكن تعملان في الوقت الحالي على تعزيز علاقتهما. وتمثل الدول الأعضاء في المنظمة نحو 40% من سكان العالم، وثلث الناتج الاقتصادي العالمي.
وتتمتع دول مجلس التعاون بناتج محلي إجمالي يبلغ نحو 2.3 تريليون دولار، وتعد الصين الشريك التجاري الأكبر لدول المجلس، إذ بلغ إجمالي تجارة السلع مع الصين ما يقرب من 298 مليار دولار في العام 2023، واستحوذت دول المجلس على 36% من إجمالي واردات الصين من النفط الخام في ذلك العام.
ولعل كل هذه المعطيات هي ما تفسر ترحيب مملكة البحرين بالانضمام إلى (منظمة شنغهاي للتعاون) بوصفها “شريك حوار”، عام 2023”، حيث عبرت الخارجية في بيان “عن اعتزازها بثقة هذه المنظمة الحكومية الدولية “شنغهاي” والدول الأعضاء في السياسة الخارجية الحكيمة لمملكة البحرين”. ورأت أن ذلك يعكس تقديرها “لثوابتنا وقيمنا الدبلوماسية الداعية إلى التضامن الإنساني والتقارب بين الشعوب والتعاون الإقليمي والدولي في ترسيخ السلم والأمن الدوليين، وتسوية النزاعات بالسبل السلمية، ودعم أهداف التنمية المستدامة”.
وأكدت “تطلّع البحرين إلى بناء صلات قوية من الحوار، والتنسيق البنّاء مع منظمة شنغهاي للتعاون على أسس من الود والتفاهم والاحترام المتبادل”، بما “يسهم في تعزيز الأمن والسلام والاستقرار الإقليمي والعالمي، ومكافحة التطرف العنيف والإرهاب وتجارة المخدرات وغسل الأموال”، كما يدعم “التعاون الاقتصادي في تحقيق الأمن الغذائي، وحماية البيئة، ومكافحة التغيرات المناخية والاستثمار في الطاقة والتعليم والصحة، وتشجيع التجارة والسياحة البينية، ودعم الحوار بين الثقافات والحضارات”.
وهكذا، تؤكد مملكة البحرين أن الهدف من شراكتها مع “شنغهاي” تعزيز العمل الجماعي للوصول إلى تحقيق الأهداف والمقاصد النبيلة، والجهود المحمودة للمنظمة الكبيرة”، مع الحفاظ على مسافة واحدة بين المنظمة وأعضاءها من جهة وبين القوى الغربية والشركاء الاستراتيجيين من جهة أخرى، بما يعظم المكاسب الاستراتيجية والاقتصادية.