الرئيسية / أخبار / من مجلس المهيزع بعراد.. الخبير التقني أحمد بوهزاع يكشف الوجهين العسكري والإعلامي للذكاء الاصطناعي

من مجلس المهيزع بعراد.. الخبير التقني أحمد بوهزاع يكشف الوجهين العسكري والإعلامي للذكاء الاصطناعي

تقرير البحرين/المنامة/ في أجواء فكرية حافلة بالحوار والنقاش، استضاف مجلس عبدالعزيز المهيزع في منطقة عراد بالمحرق محاضرة مطوّلة ألقاها الخبير المعتمد في التقنية والابتكار أحمد محمد بوهزاع بعنوان «الذكاء الاصطناعي بين سلاح الإعلام وسلاح الحرب». المحاضرة لم تكن مجرد عرض للمعلومات التقنية، بل مثلت قراءة تحليلية معمقة للتحولات التي يشهدها العالم تحت تأثير الذكاء الاصطناعي، وما يطرحه من أسئلة أخلاقية وسياسية وقانونية، خاصة في ظل التحديات التي تواجه العالم العربي في هذا الميدان المتسارع.

أوضح بوهزاع في بداية حديثه أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة مساعدة في العمليات العسكرية والسياسية، بل أصبح عاملاً حاسمًا في صياغة القرار ذاته، بعدما تحول زمن اتخاذ القرار من أيام وساعات إلى دقائق معدودة بفضل الخوارزميات المتقدمة. وقدم أمثلة عملية على هذا التحول، مشيراً إلى اعتماد الجيش الإسرائيلي على منظومات مثل «Lavender» لتحديد الأهداف العسكرية شبه آليًا، و«Where’s Daddy» لتعقب تحركات المستهدفين بدقة عالية، إلى جانب منصات «Gospel» و«Fire Factory» التي تدير قوائم الأهداف وتنفذ العمليات بسرعة غير مسبوقة. وبين أن هذه الأدوات ضاعفت من دقة العمليات العسكرية، لكنها في الوقت نفسه خلقت إشكالات أخلاقية عميقة نتيجة سقوط ضحايا مدنيين، وهو ما يضع شرعية استخدامها تحت المجهر الدولي.

وانتقل المحاضر إلى الحديث عن الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي، وهو حضوره الكثيف في الإعلام عبر أدوات التزييف العميق (Deepfake) التي تسمح بصناعة روايات مضادة يصعب كشف زيفها، وتضليل الرأي العام والتأثير في مواقف الشعوب. وأكد أن خطورة هذه التقنيات لا تقل عن خطورة السلاح العسكري، إذ إن المعركة في هذا العصر لم تعد تقتصر على ساحات القتال الميدانية، بل امتدت إلى ساحات الوعي والعقول، حيث يصبح المتلقي في مواجهة سيل من المعلومات المضللة التي قد تحدد مسار الصراع بقدر ما تحدده الجيوش.

ولم يغفل بوهزاع البعد الإنساني والأخلاقي لهذه التحولات، فطرح أسئلة عميقة عن المسؤولية عند استخدام الذكاء الاصطناعي في قرارات القتل، وعن إمكانية الحفاظ على كرامة الإنسان في ظل خوارزميات لا تعرف معنى الرحمة، كما تساءل عن موقع القانون الدولي من محاسبة الأطراف التي تفوض «الآلة» لتقرير مصير البشر. وأكد أن غياب ضوابط صارمة قد يحول الذكاء الاصطناعي إلى سلاح منفلت يهدد أسس العدالة الإنسانية.

وفي تقييمه لموقع العرب في هذا السباق العالمي، أشار بوهزاع إلى الجهود الخليجية التي تشهدها السعودية والإمارات وقطر، حيث أنشئت مراكز وطنية للذكاء الاصطناعي ورُصدت استثمارات بمليارات الدولارات. لكنه شدد على أن هذه المبادرات، رغم أهميتها، لا تزال محدودة مقارنة بحجم الفجوة مع القوى الكبرى كالولايات المتحدة والصين وإسرائيل. ولفت إلى أن التحديات العربية الأبرز تتمثل في نقص الكفاءات المحلية المؤهلة، وضعف البحث والتطوير، وغياب التنسيق بين الدول، الأمر الذي يعيق تحقيق نقلة نوعية.

واختتم بوهزاع محاضرته بالتأكيد على أن الفرصة لا تزال متاحة أمام العالم العربي لاقتناص موقع فاعل في سباق الذكاء الاصطناعي، شريطة أن يتم توجيه الاستثمارات بطريقة استراتيجية، وبناء مراكز بحثية متخصصة، وتطوير الكوادر البشرية محليًا بدل الاعتماد على الخارج، مع وضع أطر تشريعية وأخلاقية تضبط استخدام هذه التقنيات، مشددًا على أن التعاون العربي المشترك يمثل حجر الزاوية لأي نهضة حقيقية في هذا المجال.

وأحمد بوهزاع حاصل على جوائز عدة، أبرزها (جائزة الشرق الأوسط لقادة المستقبل المتميزين كأفضل قيادي في القطاع العام)، كما تم اختياره ضمن قائمة (أكثر 100 شخصية تأثيرا في مجال المسؤولية المجتمعية).