الرئيسية / أخبار / في قراءته لـ(قمة البحرين )الإعلامي خالد أبوأحمد: القمة انتصرت لمجمل القضايا السودانية

في قراءته لـ(قمة البحرين )الإعلامي خالد أبوأحمد: القمة انتصرت لمجمل القضايا السودانية

استضافت مملكة البحرين يومي الأربعاء والخميس  15/16 مايو الجاري أعمال قمة قادة الدول العربية الدورة العادية الثالثة والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة التي أطلق عليها (قمة البحرين)، التي ترأسها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين، وشاركت جمهورية السودان بوفد سياسي ترأسه وزير الخارجية السيد حسين عوض، ووفد اقتصادي برئاسة وزير المالية والاقتصادي الوطني د. جبريل ابراهيم الذي شارك في اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري في (قمة البحرين).

وصدر عن القمة العربية التي عقدت في المنامة (إعلان البحرين) الذي تطرق لكافة القضايا العربية المُلحة من أهمها القضية المركزية الفلسطينية، وكافة قضايا الدول العربية مثل اليمن وسوريا ولبنان والسودان..إلخ، الشاهد في الأمر أن الملف السوداني حظي باهتمام كبير وبالغ  من القادة العرب في الاعلان النهائي للقمة، وجاء في المرتبة الثانية مباشرة بعد القضية الفلسطينية.

*الملفات السودانية الرئيسية

يمكننا القول بأن (بيان البحرين) تطرق للهم السوداني بشكل مُباشر ومحدد، وغير مباشر أيضا من خلال ملفات عامة تهم كل الوطن العربي الكبير، وفي الفقرة الخامسة والسادسة من البيان جاءت قرارات القمة حول الملفات السودانية ومثال لذلك التعبير عن كامل التضامن مع السودان في الحفاظ على سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه والحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية وفي طليعتها القوات المسلحة، والدعوة إلى الالتزام بتنفيذ إعلان جدة بغية التوصل الى وقف لإطلاق نار يكفل فتح مسارات الإغاثة الإنسانية وحماية المدنيين، وقد حث (بيان البحرين) كل من الحكومة السودانية ومليشيا الدعم السريع الانخراط الجاد والفعال مع مبادرات تسوية الأزمة ومن بينها (منبر جدة) ودول الجوار وغيرها، من أجل إنهاء الصراع الدائر واستعادة الأمن والاستقرار في السودان وانهاء محنة شعبه.

وفيما يخص الأمن المائي العربي اعتبر القادة العرب أن الأمن المائي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، خاصة لكل من مصر و السودان، والتشديد على رفض أي عمل أو إجراء يمس بحقوقهما في مياه النيل، وكذلك بالنسبة للجمهورية العربية السورية، وجمهورية العراق فيما يخص نهري دجلة والفرات، والتضامن معهم في اتخاذ ما يرونه من إجراءات لحماية أمنهم ومصالحهم المائية، معربين عن القلق البالغ من الاستمرار في الإجراءات الأحادية التي من شأنها الحاق ضرر بمصالحهم المائية، كذلك جددت القمة العربية التي عقدت في مملكة البحرين رفضها الكامل وبشدة لأي دعم للجماعات المسلحة أو الميليشيات التي تعمل خارج نطاق سيادة الدول وتتبع أو تنفذ أجندات خارجية تتعارض مع المصالح العليا للدول العربية، مع التأكيد على التضامن مع كافة الدول العربية في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها وحماية مؤسساتها الوطنية ضد أية محاولات خارجية للاعتداء، أو فرض النفوذ، أو تقويض السيادة، أو المساس بالمصالح العربية.

إن (قمة البحرين) وهي تخرج بهذه النقاط المهمة في شأننا الوطني اعتبره انتصار كبير جدا للقضايا السودانية وفيها تعبير حقيقي على اهتمام القادة العرب بوطننا الغالي واحترامهم وتقديرهم لنا كشعب، يؤكد هذا الأمر على أن القمة العربية (33) حققت نجاحا كبيرا إذا ما تأملنا في (بيان البحرين) سنجد أن القضايا العربية الرئيسية كان نصيبها من الاهتمام كبير جدا بشكل خاص القضية الفلسطينية، وجاء ترتيب السودان من من تناول القضايا العربية بالاهتمام في المرتبة الثانية بعد فلسطين.

*الملفات السودانية المشتركة مع باقي الدول

يُحمد لـ(قمة البحرين) أنها تناولت الهم العربي بشكل واسع وأعطت لكل ملف حقه في البحث والتقصي بالنسبة للسودان كانت هناك ملفات مهمة أيضا وهي مشتركة بين كل دول المنطقة، وكانت في  الدرجة الثانية من الاهتمام لانها غير مُلحة وغير عاجلة، وقديمة بعض الشئ لانها أيضا تشكل بالنسبة لنا أهمية قصوى كونها ترتبط بأمننا الاستراتيجي والاقتصادي على وجه الخصوص، إذ أكدت (بيان البحرين) أن القادة العرب يؤكدون بقوة على موقفهم الثابت ضد الإرهاب بكافة أشكاله وصوره، والرفض القاطع لدوافعه ومبرراته، وهم يعملون على تجفيف مصادر تمويله، ودعم الجهود الدولية لمحاربة التنظيمات الارهابية المتطرفة، ومنع تمويلها، ومواجهة التداعيات الخطيرة للإرهاب على المنطقة وتهديده للسلم والأمن الدوليين.

وفي السياق نفسه دعا البيان الختامي إلى اتخاذ إجراءات رادعة في سبيل مكافحة التطرف وخطاب الكراهية والتحريض، وإدانة هذه الأعمال أينما كانت، لما لها من تأثير سلبي على السلم الاجتماعي واستدامة السلام والأمن الدوليين، ومن تشجيع لتفشي النزاعات وتصعيدها وتكرارها حول العالم، وزعزعة الأمن والاستقرار، وذلك وفقا للقرارات الصادرة من الجامعة العربية، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ودعا  كافة الدول إلى تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي والإخوة الإنسانية، ونبذ الكراهية والطائفية والتعصب والتمييز والتطرف بمختلف أشكاله.

ونموذج للملفات المشتركة بين السودان وعدد من الدول العربية أكد (بيان البحرين) التمسك بحرية الملاحة البحرية في المياه الدولية وفقا لقواعد القانون الدولي واتفاقيات قانون البحار، وضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب وبحر عمان والخليج العربي، وندين بشدة التعرض للسفن التجارية بما يهدد حرية الملاحة والتجارة الدولية ومصالح دول وشعوب العالم، وهناك اهتمام كبير من القادة العرب على مواصلة الجهود لتعزيز الشراكات والحوارات الاستراتيجية وكذلك التأكيد على التعاون الوثيق مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، والالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

*السودان وموقعه الاستراتيجي

إن اهتمام القمة العربية الثالثة والثلاثون التي انعقدت في مملكة البحرين بما خرجت به من تأكيد على الاهتمام بالسودان كدولة مؤثرة في محيطها العربي والاسلامي، وما يمثله موقعها الاستراتيجي في المنطقة الرابطة بين أهم منطقتين في العالم من الناحية الاستراتيجية والامنية والاقتصادية يؤكد أن السودان يحتاج بالفعل لتضامن اشقائه العرب مع التحديات الماثلة التي يواجهها، وقد أبتلي بحرب حرقت الأخضر واليابس، ودمرت اهم المقومات التي تحتاج سنوات طويلة من الجهد حتى ترجع إلى ما كانت عليه، إن تضامن القادة العرب مع السودان في الحفاظ على سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه فيه تقدير كبير للشعب السوداني.

إن الفقرة (الثالثة) من (بيان البحرين) تجاه القضايا السودانية الرئيسية والتي تتعلق بـتجديد الرفض الكامل وبشدة لأي دعم للجماعات المسلحة أو الميليشيات التي تعمل خارج نطاق سيادة الدول أمر يطمئن الشعب السوداني كثيرا، وقد شعر في فترة من الفترات بأنه يخوض هذه الحرب في ظل تجاهل أشقائه العرب، وفي الجزء الثاني من هذه الفقرة تحديدا التي تؤكد على الرفض الكامل لتنفيذ لأي أجندات خارجية تتعارض مع المصالح العليا للدول العربية، وما يشير إلى أن القادة يدركون خطورة التدخلات الخارجية التي تزعزع الأمن والاستقرار في البلدان العربية ومن بينها السودان، وقد  اسهمت التدخلات الخارجية كثيرا في اشعال الحرب في البلاد، في واقع الأمر أن الشعب السوداني كله يطمع في أن تسود حالة الأمن والاستقرار بلادهم وأن تتوقف الحرب حتى لا تنزلق البلاد إلى حرب أهلية.

الفقرة الرابعة من النقاط الرئيسة للقمة العربية تطرقت للأمن المائي، الذي أصبح من اكثر الملفات أهمية استراتيجية في كل بلاد العالم فهناك الكثير من القنابل المؤقوتة التي ربما تنفجر في اي وقت بين دول عديدة سواء دولا عربية أو غيرها، كون القمة العربية تركز على هذا الموضوع بالاهتمام فيه مغزى كبير بالنسبة لنا.

*الخلايا النائمة- القنابل المؤقوتة

بالنسبة للملفات غير المباشرة التي صدرت في (بيان البحرين) ذات أهمية بالنسبة للسودان ياتي ملف الإرهاب وتأكيد القادة العرب على الموقف الثابت منه، والرفض القاطع لدوافعه ومبرراته، والعمل على تجفيف مصادر تمويله، فالسودان من أكثر الدول المعنية بهذا الملف من حيث النظر إلى حدود المترامية الأطراف شرقا وغربا التي تجعل من اليسير جدا استغلال الجماعات الارهابية لهذا الاتساع وامكانية التسلل عبره إلى الداخل، والبقاء في حالة (خلايا نائمة) كقنبلة مؤقوتة لا أحد يدري متى تنفجر، فالسودان عضو في الكثير من الجهات الدولية لمحاربة التنظيمات الارهابية المتطرفة، لذلك هذا الملف من الملفات ذات الاهمية الاستراتيجية الذي يستدعي العمل على تهيئة الجهات المعنية بمواجهة التداعيات الخطيرة للإرهاب على المنطقة وتهديده للسلم والأمن الدوليين.

في الفقرة الثانية من الملفات غير المباشرة لـ(بيان البحرين) تأتي مسالة مكافحة التطرف وخطاب الكراهية والتحريض، وكما هو معروف فإن “خطاب الكراهية والتحريض”، أصبحت أكثر العوامل خطورة في زعزعة الأمن والاستقرار في العالم، ونحن في السودان هذه الأيام نتأثر بشكل مباشر وقوي من هذا الأمر، لأن الكراهية والتحريض هى التي تشعل نار الخلافات بين المجتمعات القبلية تحديدا وفي المناطق الأكثر جهلا الذين لديهم القابلية السريعة في افتعال الخلافات الدموية، لذلك استغل قادة المليشيات المتمردة المسلحة هذا العامل استغلالاً بشعاً جعل المواطنين في هذه المناطق يتقاتلون فيما بينهم حمية وعصبية.

الفقرة الثالثة تطرقت في بيان القمة إلى التأكيد على التمسك بحرية الملاحة البحرية في المياه الدولية وفقا لقواعد القانون الدولي واتفاقيات قانون البحار، وضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب وبحر عمان والخليج العربي، بطبيعة الحال أن الأمن البحري مسالة استراتيجية تهم السودان بالدرجة الأولى أمنيا واقتصاديا كما هو معروف فالحدود البحرية للسودان تمتد على مسافة 670 كليومتر، وللسودان عدد من المؤاني على البحر الأحمر اهمها ميناء بورتسودان الشمالي والجنوبي ، وهي معنية بالصادر والوارد، وكذلك تصدير النفط، ومن هنا فالأمن البحري من أهم العوامل التي يركز عليها السودان في اقتصاده الوطني.

خلاصة القول نرى بأن (قمة البحرين) قد انتصرت لمجمل القضايا السودانية وبشكل خاص في الموقف الواضح والصريح من الحرب التي تدور رجاها في بلادنا الآن، من خلال الاعلان عن تضامنها مع السودان في الحفاظ على سيادته واستقلاله ووحدة أراضيه، والدعوة إلى تنفيذ (إعلان جدة) بغية التوصل إلى وقف إطلاق نار يكفل فتح مسارات الإغاثة الإنسانية وحماية المدنيين. وحث الطرفين على الانخراط الجاد والفعال مع مبادرات تسوية الأزمة ومن بينها منبر جدة ودول الجوار وغيرها، من أجل إنهاء الصراع الدائر واستعادة الأمن والاستقرار في السودان وانهاء محنة الشعب السوداني.

27 مايو 2024م

خالد ابواحمد – رئيس تحرير موقع (تقرير البحرين)