الرئيسية / أخبار / زيارة جلالة الملك للصين مكاسب غاية في الأهمية-بقلم خالد أبوأحمد

زيارة جلالة الملك للصين مكاسب غاية في الأهمية-بقلم خالد أبوأحمد

الزيارة التي قام بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم رئيس الدورة الحالية للقمة العربية حفظه الله ورعاه إلى جمهورية الصين الشعبية الصديقة خرجت بثمرات ومكاسب عديدة في عدد من المجالات السياسية والإقتصادية والإعلامية ..إلخ، وقد حظيت بالتوقيع على 10 اتفاقيات في غاية الأهمية بالنسبة للإستثمار والصناعة والصحة والإعلام والفضاء والتعليم، وبما أن البحرين تسعى جاهدة لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة فإن هذه الزيارة تمكنها الاستفادة من الخبرات الصينية في المجالات التي تم الاتفاق حولها، خاصة وأن البلدين الصديقين يرتبطان بعلاقات متميزة في كل المجالات.

إنّ مذكرات التفاهم التي وقعت بين وزارة المالية والاقتصاد الوطني بمملكة البحرين، ووزارة التجارة الصينية بشأن إنشاء مجموعة عمل للإستثمار والتعاون الاقتصادي، ولتطوير التعاون الإقتصادي والفني والتجاري بين البلدين، سيكون لها ما بعدها خاصة لأن الصين تمتلك تقينات حديثة وعالية جدا في الصناعة وما يرتبط باستخدامات الذكاء الاصطناعي في الصناعة عموما وفي المجالات الطبية والصحية والتعليمية والإعلامية أيضا، هذا فضلا عن الاستفادة من التجربة الصينية في الصناعات الثقيلة بأنواعها المختلفة التي غزت العالم.

هناك دراسة أمريكية حديثة أظهرت تفوق الصين على الولايات المتحدة بخلق المواهب المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، وفقا لصحيفة (نيويورك تايمز)، والدراسة التي أجرتها مؤسسة (ماركو بولو) الأمريكية، “إن الصين توفر نصف الباحثين والخُبراء والعُلماء المتخصصين في علوم الذكاء الصناعي، في حين توفر الولايات المتحدة ما نسبته 18% فقط”، وحسب (قناة العربية) فإن الصين تسير بخطوات حثيثة نحو تحقيق الثورة الصناعية الرابعة، فصناعة الروبوتات تنمو سنوياً فيها بمعدل 22%، فالصين خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي 2023 تمكنت من إنتاج نحو 320.5 ألف روبوت صناعي، مما جعلها تتربع على قائمة أكبر منتجي الروبوتات في العالم، بحيث أصبح كل ثاني روبوت صناعي في العالم من انتاج الصين، وهذه الروبوتات تسرع من عملية الإنتاج وترفع الانتاجية.

أما بالنسبة لمذكرة التفاهم بشأن التعاون في مجال الفضاء بين الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء البحرينية وإدارة الفضاء الوطنية الصينية، فإن الصين في هذا المجال قطعت شوطا طويلا لذلك تعمل الآن على إرسال طاقم من رواد الفضاء إلى القمر بحلول عام 2030م، ولإيصال أطقمها إلى هناك تخطط الصين لاختبار مركبتها الفضائية الجديدة ذات التصنيف البشري بحلول عام 2027 أو 2028  في ذات الوقت لديها خططًا لاستخدام عمليتين إطلاق للوصول إلى القمر، واحدة لوضع مركبة هبوط على سطح القمر في مدارها، والأخرى لإرسال طاقم إليها، الحقيقة أن طموحات الصين نحو القمر لا تقتصر فقط على وضع رواد فضاء على سطح القمر، وتخطط وكالة الفضاء الصينية لإطلاق مهمة Chang’e 6 الآلية إلى الجانب البعيد للقمر من أجل جمع عينات من القمر وإعادتها إلى الأرض، والتي إذا نجحت فستكون المرة الأولى التي يتم فيها إرجاع هذه المادة من الجانب البعيد للقمر، ومن هنا فإن تعاون مملكة البحرين مع الصين في هذا المجال الحيوي سيحقق للبحرين مكاسب غير منظورة في الوقت الحالي للإنسان العادي.

إن جلالة الملك يدرك ضخامة التأثير الصيني في عالم اليوم في مجالات التجارة العالمية والاستثمار والصناعات المتقدمة لذلك خلال لقاء جلالته مع رئيس مجلس الشعب الصيني أكد الملك حمد “أن مملكة البحرين تولي أهمية خاصة لعلاقاتها بجمهورية الصين الشعبية وتتطلع إلى رفع مستوى التعاون معها في القطاعات الحيوية كافة وذلك لما تمتلكه الدولة الصديقة من خبرات متميزة وما تحققه من تطور كبير في ميادين التجارة والإنتاج والاستثمار والتنمية”، منوهًا في الوقت نفسه بالفرص الاستثمارية الواعدة التي توفرها المملكة في المجالات كافة وبالمقومات المهمة التي  تمتلكها في ظل موقعها الإستراتيجي المتميز وما تتسم به من انفتاح واستقرار وبنية تحتية متقدمة وعصرية وأنظمة وتشريعات جاذبة.

ومن هنا أقول أن هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم توقيعها بين الطرفين سيكون لها تأثيرها الكبير في دعم الاقتصادي البحريني بالشكل الذي يحقق قفزة كبيرة خاصة في زيادة وتدفق الاستثمارات الصينية لمملكة البحرين، وكذلك الانتقال بالصناعات المحلية  إلى آفاق رحبة في التطور بما يحقق تحولات نوعية تجعل البحرين على مصاف الدول الصناعية، بالنظر إلى أن جمهورية الصين الشعبية تمتلك تجربة رائدة في الصناعات الثقيلة باحجامها واشكالها المختلفة، تحديدا المركبات والسيارات بكل أنواعها وهو ما جعلها تتبوأ أرفع المراتب في معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية في مناحيها المختلفة.

إن البيان المشترك الذي صدر في ختام زيارة جلالة الملك للصين بشأن إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين قد وضع هذه العلاقات في مكانة التميّز والتفرّد بحيث تكون علاقات البلدين أزلية وأنموذج حقيقي يحتذى به في توطيد الروابط وقد جاء في الفقرة الرابعة من البيان ” يرى الجانبان مواصلة التعاون الصيني البحريني في إطار الحزام والطريق لتوسيع نطاق التعاون بينهما في مجالات البنية التحتية والاقتصاد والتجارة والاستثمار والمالية والطاقة الجديدة والتكنلوجيا المتقدمة والزراعة والصيد والتعليم والثقافة والسياحة، والصحة وغيرها بما يعزز التنمية والازدهار بين البلدين”.

إن المتابع عن قرب يعرف أن العلاقات المتينة مع جمهورية الصين على هذا المستوى الاقتصادي والاستثماري الرفيع الذي بينته زيارة جلالة الملك وكشفت عنه مذكرات التفاهم والاتفاقيات سيسهم بقدر كبير في زيادة حركة التجارة والتصدير والاستيراد في المنطقة الخليجية على وجه الخصوص هذا من شانه أن يخلق فرصا كبيرة للقطاع الخاص وبالتالي يستفيد منها المواطن العادي، ذلك لأن المنظومة الخليجية واحدة ولها ثقلها في الاقتصادي العالمي بما يتوافق مع السياسة التجارية الصينية الرامية إلى تغطية كل المنطقة بمنتجاتها الصناعية والمرغوبة في دول المنطقة، وأتذكر عندما تم افتتاح السوق الصيني في البحرين  (27 ديسمبر/ كانون الأول 2015) استقطب الزوار وبأعداد كبيرة من المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية ولا زال أهل السعودية يجدون ضالتهم فيه، هو ما يؤكد أن جذب الاستثمارات الصينية إلى البحرين ستستفيد منه الدول المجاورة بشكل أو آخر.

عموما إن الزيارة الملكية السامية لجمهورية الصين ناجحة بكل المقاييس وتزامنت مع الظهور البحريني القوي في انعقاد القمة العربية الـ 33 بالمنامة، وكنت قد ذكرت في تصريح صحفي سابق أنها قمة عالمية بامتياز لأنها حظيت بحضور عربي عالي وأممي رفيق وكذلك حضور افريقي، ومن هنا أقول أن الرؤي الاستراتيجية و الدبلوماسية الاقتصادية لجلالة الملك تفتح آفاقا واسعة لتطور البحرين في سائر مجالات تحقيق التنمية المستدامة.