الرئيسية / مقالات / سلفادور الفنان الذي أذاب الزمن و حطم حدود العقل

سلفادور الفنان الذي أذاب الزمن و حطم حدود العقل

في حديث شيق مع أصدقاء الفن و الادب ، تكلمنا عن ما يعتبره البعض جنونًا في سلوك الفنان هو في الواقع منطق فني خفي لا يظهر إلا لمن يفهم عمق مخيلته. مقالتي لهذا الاسبوع ، اخترت الغوص في عالم سلفادور دالي كنموذج لكيف يبدوا الابداع ضرب من الجنون، سلفادور دالي (1904-1989) هو أحد أبرز الفنانين السرياليين في القرن العشرين، وُلد في فيغيراس، كاتالونيا، إسبانيا، وبرز كرسامٍ ماهر منذ صغره، تلقى تعليمه في الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة في مدريد، حيث بدأ في تطوير أسلوبه الفني الفريد الذي يجمع بين الدقة الواقعية والأفكار الغريبة.

دالي كان يتمتع بشخصية استثنائية وغريبة الأطوار، مما جعله رمزاً للسريالية، تأثر بأعمال سيغموند فرويد حول العقل الباطن والأحلام، وقد انعكست تلك الأفكار في أعماله الفنية التي كانت تفيض بالرمزية. اشتُهر باستخدامه للصور الغريبة مثل الساعات الذائبة، والتي تظهر بشكل لافت في أحد أشهر أعماله (ثبات الذاكرة) 1931 هذه اللوحة، التي تُصور ساعات متدلية فوق أشكال غير ثابتة، تُعتبر مثالاً على فلسفته الفنية في تجميد الوقت وإظهار الواقع بشكل غير مألوف.

دالي لم يكن غريبًا عن التصرفات الغريبة التي جعلته محط اهتمام الناس والصحافة. على سبيل المثال، كان يرتدي زيا للغطس أثناء إلقاء محاضرة عن السريالية في لندن، ليظهر كأنه يغوص في أعماق العقل الباطن، كما أنه احتفظ بنملة كحيوان أليف! أيضًا، كان لدالي شارب شهير كان يهتم به بشكل استثنائي، وقد وصفه بأنه “لا يقل أهمية عن لوحاته” في إحدى المقابلات، عندما سُئل عن سبب رسمه للساعات الذائبة، أجاب مازحاً بأنها كانت مستوحاة من قطعة جبن مذابة!

من بين أبرز أعمال دالي ثبات الذاكرة (1931): تُعد هذه اللوحة من أشهر أعماله، حيث تجسد موضوع الوقت والتغير، الوجه المتغير لألبرت أينشتاين (1931): يُظهر هذا العمل وجهًا يتغير مع مرور الوقت ويُعد رمزا لتأمل دالي في عبقرية أينشتاين، غالا ورأس النحت (1937): صورة لزوجته، غالا، التي كانت ملهمته وحبه الكبير علما انها كانت تكبره بعشرة أعوام، والعشاء الأخير (1955): لوحة شهيرة تصور يسوع مع تلميذيه بطريقة دالي الخاصة، وهناك الزرافة المشتعلة  (1937).

وقبل ان انسى..كان دالي يعتقد أنه تناسخ لشقيقه الأكبر، الذي توفي قبل ولادته، ورغم شهرته كفنان سريالي، إلا أنه كان مولعًا جدًا بالمال ولم يُخفِ اهتمامه بتحقيق الثروة، كان دالي مفتونًا بالنظرية النووية، وقد ظهر تأثير هذه الأفكار في أعماله بعد الحرب العالمية الثانية، سلفادور دالي، بشخصيته الغريبة وأفكاره الخارجة عن المألوف، يبقى حتى اليوم رمزًا للإبداع والجنون الفني.