درّست اللغة للعائلات في 6 جمعيات خيرية منذ عام 2012م
شاركت في أعمال خيرية منذ أن كنت في الرابعة
من عمري كانت لحظات مضيئة في حياتي
برغم أن السوق مشبعا بالمعاهد وبعضهم بأسعار معقولة جدا، لا نزال نتميّز عن غيرنا
نُدرس العربية والانجليزية ولدينا مدرسين يتحدثون اللغة الأم
——————————————–
المنامة/ تقرير البحرين/ تزخر مجالات العِلم والتعّلم في مجتمعاتنا البشرية بالكثير من النماذج الراقية والجميلة التي أثبتت جدواها في اتساع رقعة المعرفة بما يسهم في الارتقاء بالمجتمع أيا كان موقعه الجغرافي، وفي مملكة البحرين تبرز بشكل جميل فكرة تعليمية رائعة من انسان جميل ورائع، ممثلة في (حديقة المعرفة) هذه المؤسسة التعليمية المبتكرة تقوم بدور متعاظم في تسهيل الصعاب للذين يرغبون في تعليم اللغات، موقع (تقرير البحرين) وقف على هذه التجربة الرائعة حيث التقى بالأستاذة فيكتوريا لابدون (Victoria Labdon) وهي المالك والمدير لـ(حديقة المعرفة) التعليمية، في هذا الحوار الذي حدثتنا فيه عن فكرتها في التأسيس والمناهج التي تتبعها وحجم الاقبال على الحديقة من قبل الراغبين في التعلم.
- متى أنشئت هذه الحديقة التعليمية..؟.
بداية أشير إلى أنني كنت أقوم بتدريس اللغة الإنجليزية للعائلات البحرينية من خلال 6 جمعيات خيرية مختلفة منذ عام 2012م، ونسبة لاهتمامي الكبير بالتعليم وزيادة المعرفة بين المواطنين واصلت في هذا العمل وفي عام 2018م، رسميا قمت بتسجيل هذا العمل باسم (حديقة المعرفة) ومن خلال الاسم يمكن للقارئ الكريم أن يدرك هدفي وهو “أن يكون التعليم سهلا وممتعا”.
- من أين جاءت هذه الفكرة..؟.
في عام 2009 تقريبًا، كان زوجي وابن عمه عاطلين عن العمل، وكانا يسعيان بنشاط كبير عن فرص وظيفية، وفي أحد الأيام بينما كنا جميعًا نتبادل الأحاديث الودية، كنت أمزح مع ابن عمه أحمد، وسألته عما إذا كان ينطق بعض العبارات السيئة عن طريق الخطأ في المُعاينات التي دخلها، فكان رده بالنفي برغم أن لغته الإنجليزية لم تكن جيدة بما فيه الكفاية، ولهذا السبب لم يتلق اتصالاً مرة أخرى، وبالنسبة لي كمعلمة لغة إنجليزية في معهد دولي في ذلك الوقت ويهمني جدا هذا الأمر كنت أرى بأن هناك حل واضح وسهل في ذات الوقت المتمثل في الحصول على دورة في تعليم وتقوية اللغة الإنجليزية، كانت المشكلة أن والد أحمد ترك الأسرة، وبالتالي لم يتمكن أحمد من الحصول على المال لدفع تكاليف هذه الدورة، لذلك وقع في حلقة مفرغة ولديه الرغبة في اجادة اللغة الانجليزية، وكان هذا قبل أن تكون (تمكين) داعمة للمؤسسات وللشباب كما هو الحال اليوم.
لقد شاركت في الجمعيات الخيرية منذ أن كنت في الرابعة من عمري، لذلك كانت هذه لحظة مضيئة بالنسبة لي، ولدي شغف وحب لمساعدة الذين يرغبون في تعليم اللغة الانجليزية، وذلك من خلال مهاراتي التعليمية لتحسين فرص توظيفهم فتواصلت مع بعض الجمعيات الخيرية المحلية، بهدف تدريس اللغة الإنجليزية للعاطلين عن العمل بأسعار منخفضة للغاية مع الاحتفاظ ببعض المقاعد لاتاحة الفرصة لأولئك الذين ما زالوا غير قادرين على تحمل تكاليف الدورة التعليمية، ففي اليوم الأول للتسجيل صدمت..حقيقة..!.
لم يكن لدي غير شخص واحد مسجل فقط من البالغين، لكن كان لدي 100 طفل، لم يكن هذا هو السبب الذي تركت وظيفتي من أجله، كنت على ثقة بأنني امتلك الامكانيات الذاتية التي استيطع من خلالها مساعدة الآخرين، هكذا بدأت رحلتي في إنشاء برامج اللغة الإنجليزية للجمعيات الخيرية.
- طيب..كيف كان إقبال الناس عليها..؟.
في الوقت الحاضر، لدينا بعض البالغين مسجلين لدينا، ولكننا معروفون في الغالب بتعليم الأطفال في سن المدرسة، أدرك أن السوق في الوقت الراهن أصبح مشبعًا بالأشخاص الذين يقومون بتدريس اللغة الإنجليزية، وبعضهم بأسعار معقولة جدا، ومع ذلك فنحن لا نزال نتميز عن غيرنا، لأننا من القلائل وسط معاهد التعليم لدينا مدرسين يتحدثون اللغة الأم، ويمتاز منهجنا بالجوانب العملية، ونقدم العديد من الخدمات المجانية للطلبة من حرف يدوية ومكتبة، ومساعدي تدريس للأشخاص الذين يعانون من مشاكل التركيز، وما يُميّزنا أيضا نقوم بعمل رحلات ميدانية للطلبة الذين يدرسون معنا بدون أي رسوم مالية، ونستقطب متحدثين من الخارج.
إذا سألتني عن الهدف من كل ذلك.. أقول لك هدفي الأساسي هو تقديم أعلى المعايير في تعليم اللغة وبشكل احترافي وبأقل الأسعار الممكنة والوقوف على جزء صغير من تكلفة أقرب منافس لنا.
- المنهج التعليمي هل هو خاص بالمؤسس، أم نقل لتجربة حدثت في دولة أخرى..؟.
هي فكرة استلهمتها من المناهج الاسكندنافية المعروفة عالميا بتميزها، فعندما يأتي الطالب ويبدئ رغبته في تعليم الغة الإنجليزية أو العربية يكون الإجراء هو نفسه، نقوم بإجراء اختبار تحديد المستوى لمعرفة احتياجات الطالب التعليمية ومعرفة نقطة البداية الخاصة به، ثم يتم تقسيم الطلاب إلى فئات عمرية، ثم يتم تقسيمهم مرة أخرى حسب مستوياتهم التعليمية، وهذا يضمن أن الأساليب والمناهج الدراسية مناسبة دائمًا لكل من هذا العمر والقدرة.
إن المنهج الذي نستخدمه للغة الإنجليزية هو من دار جامعة كامبريدج، وبالنسبة للغة العربية نستخدم منهجًا من جمهورية مصر لغير الناطقين باللغة العربية، ومنهجا آخر أيضا من المملكة العربية السعودية للناطقين باللغة العربية، الفرق مع ما نقدمه هو أننا نركز كثيرا على استمتاع الطالب بالدروس التعليمية، هناك العديد من الدراسات التي أجريت في هذا المجال كشفت أن الكثير من المدارس والمعاهد تتبع أسلوبًا خاطئا في التدريس، ويمكنني القول بأنها اساليب قديمة تجاوزها الزمن حسب قناعتي، نحن نجعل الدروس ممتعة وغير تقليدية، إننا نستخدم اللعب والترفيه في التعليم، يتم إعداد الفصول الدراسية، على سبيل المثال نقوم بزينة أعياد الميلاد حقيقية ونقدم الطعام، معنا يتعلم الطلاب الكيفية التي ينظمون بها احتفالاتهم وطريقة دعوة أصحابهم إليها، نعتقد ان هذه الطريقة تجعل الفصول الدراسية ممتعة وفيها حيوية، ومن هنا لابد من الإشارة إلى أنني نصف بريطانية ونصف نرويجية، ويأتي مصدر إلهامي بالنسبة لأنظمة التعليم من المناهج الاسكندنافية.
- ماهي القصص او المواقف الجميلة التي حدثت في مسيرة الحديقة التعليمية..؟.
في وقت ما، عندما بدأت هذه البرامج للتو، جاء صبي صغير إلى الفصل بعد اجتياز اختبار تحديد المستوى، وكان مكتئبا جلس في الصفوف الخلفية وأعتقد انه كان يعاني لكنه يكافح ليتعلم ومع انتهاء الحصة التدريسية طلبت منه البقاء للحديث معه، وقلت له أرغب في معرفة امكانياتك الحقيقة في التعلُم على الرغم من أنك ربما لا تستطيع ذلك، لكني سأراهنك في هذه اللحظة أنك ستكون الأفضل بين طلاب الفصل، وسترى ذلك بنفسك قريبًا فصلًا تلو الآخر، في الحصة الثانية كان أيضا خجولًا جدًا، وعندما نقلته للجلوس في المقدمة مباشرة تحسن كثيرا وأصبح يتفاعل بثقة أكبر في نفسه، وتم الإشادة بكل جهد بذله، وسرعان ما رأيت فيه ذلك النجاح والتميز وفي غضون شهر، أصبح هذا الطالب بالفعل المتصدر في ذلك الفصل، وكان رأسه مرفوعًا ومشاركًا وواثقا من قدراته.
في مرة من المرات انضممت إلى مجموعة وتم تحذيري بضرورة طرد طالب معين كان مزعجا ومشاغبا ونحن ندرك أن العمل مع الأطفال دائما فيه مشقة ومعاناة، ولكن في كثير من الأحيان يمكن معرفة سبب استمرار هذا السلوك المزعج والمشاغب والذي يقترب من عدم الاحترام، مثل ذلك الصبي الذي ربما يكون في العاشرة من عمره برغم المحاولات الكثيرة معه لكي يغير اسلوبه ويستقر مثل الطلاب الآخرين، هذا الطالب عندما كتب جملة على كراسته تحدثت معه باخلاص وله يجب عليك أن تنظر إلى نفسك وإلى القدرات التي لديك حتى تتقدم في دراستك وتفخر بنفسك من النتائج التي ستحصل عليها إذا كنت جادا، وفي غضون أسابيع قليلة هذا الطالب أصبح من أفضل الطلاب لدينا.
ومن القصص الجميلة أن لدينا حاليا امرأة أمريكية تبلغ من العمر 91 عاما لديها الرغبة في التعلم وهي تحضر دروس اللغة العربية في فرعنا في (بني جمرة)، حقيقة انا معجبة جدا بها وبروحها الشغوفة لنيل المعرفة وهي في هذه السن، وذلك الصبي أيضا مصدر سعادة بالنسبة لي حيث أن الطلاب السابقين يأتون بأطفالهم إلي الآن انا كلي سعادة حينما أذكر هذه القصص الجميلة.
- ما هي درجة تفاعل الطلاب الصغار بطريقة التعليم باللعب..؟.
إن فصولنا تحتوي على أنشطة لجميع الطلاب وليس فقط لصغار الطلاب، إن اليوم النموذجي لتلاميذ المدارس الابتدائية هو تذكير بما تم تدريسه في الفصل الأخير والتأكد من إتقانه، نطلب من الطلبة تقديم درس اليوم وأداء تمارين المخاطبة القصيرة باستخدام المادة الجديدة، الطلاب يخرجون الحروف/الألواح البيضاء الصغيرة، ويتدربون على التهجئة إما في مجموعات أو بشكل فردي، ثم نطلب منهم الذهاب إلى قاعة الأنشطة (أو خارجها حسب الطقس) وثم يؤدون المزيد من أنشطة المخاطبة حول موضوعات معينة، أو ممارسة ألعاب مخصصة حول الموضوع، نحن أيضًا معجبون جدًا بـالاستجابة الجسدية الكاملة للطلاب، مما يعني أن حركة الجسم تشارك في التعلم واستخدام ذاكرة العضلات.
نادرًا ما تقوم فصول المراهقين لدينا بعمل الحِرف اليدوية، بل تقوم بالمشاريع ومن ثم يتعين عليهم تقديم أعمالهم إلى الفصل، وهذه الفئة العمرية هي التي تستقبل المزيد من الخبراء الذين يزورونا أما بالنسبة للرحلات الميدانية للمراهقين، لا يتعلق الأمر بحدائق الحيوان بقدر ما يتعلق بالطلب في مطعم أو حتى الذهاب إلى وكيل سفريات وحجز تذاكر سفر(غير حقيقية)، ويتم اختيار جميع الرحلات الميدانية حسب موضوعات دراستها في المعهد وقد أثبتت نجاحا كبيرا في زيادة ثقة الطلاب.
الموقع الإلكتروني لحديقة المعرفة
https://www.thegardenedu.com/