الرئيسية / مقالات / من الكهوف إلى القاعات: رحلة الفن التشكيلي عبر التاريخ-منى الروبي

من الكهوف إلى القاعات: رحلة الفن التشكيلي عبر التاريخ-منى الروبي

الفن التشكيلي هو أحد أقدم أشكال التعبير الإنساني، حيث يعكس تاريخ البشرية وتطورها عبر العصور. من النقوش البدائية على جدران الكهوف إلى اللوحات المعروضة في القاعات والمتاحف العالمية اليوم، شهد الفن التشكيلي تحولات كبيرة ومتنوعة، تعكس تطور الحضارات وتغير الأفكار والثقافات.

البدايات: الفن في العصور القديمة

تعود أقدم محاولات التعبير الفني إلى العصر الحجري، حيث تم اكتشاف رسومًا على جدران الكهوف في مناطق عديدة حول العالم. فمثلا في إفريقيا، تعد كهوف “تاسيلي ” في الجزائر وكهوف “لاس جايب” في إثيوبيا من أقدم المواقع التي عُثر فيها على رسوم بدائية تمثل مشاهد الصيد والحيوانات بل كائنات غريبه جعلت العالم في حيره . يُعد كهف “شاندر” في العراق و”كهف الماموث” في الولايات المتحدة من بين أقدم الكهوف التي تحتوي على أعمال فنية تعود إلى ما يزيد عن 30 ألف سنة، مما يعكس العمق التاريخي لهذا النوع من الفن.

الفن في الحضارات القديمة

مع تطور الحضارات، بدأ الفن يأخذ أشكالاً أكثر تعقيدًا. في إفريقيا القديمة، وخاصة في حضارة كوش السودانية، كان الفن يعبر عن القوة الملكية والدينية، حيث تميزت هذه الحضارة بالتماثيل والنقوش التي تصور الملوك والآلهة. استخدم الفنانون في كوش الذهب والحجر لتشكيل أعمال فنية متقنة، ما يعكس ثراء هذه الحضارة وثقافتها و انعكاسها شمالا حيث حضارة ( جيبيت).

وفي الخليج العربي، تبرز حضارة دلمون التي ازدهرت في البحرين، كانت اختام دلمون  أحد أشكال الفنون التي استخدمها السكان للتعبير عن هويتهم وتوثيق معاملاتهم التجارية. هذه الأختام، التي نُقشت بأشكال هندسية وحيوانية، تعكس تطور فن النقش في تلك الحقبة و سنجد هذه الاختام منتشره على طول الساحل الشرقي ، وكانت تُعتبر أحد أشكال التوثيق والرسم التشكيلي في حضارات الشرق الأدنى.

العصور الوسطى وعصر النهضة

في العصور الوسطى، كان الفن مرتبطًا بشكل كبير بالدين والرموز الدينية. لكن مع بداية عصر النهضة، حدثت نقلة نوعية في الفنون. فنانين مثل ليوناردو دافنشي ومايكل أنجلو ركزوا على الإنسان، بجانب الطبيعة والعلوم، وأعادوا إحياء القيم الكلاسيكية للإبداع الفني من خلال الواقعية والتفاصيل.

الفن الحديث والمعاصر

في القرن التاسع عشر، شهد العالم ظهور العديد من المدارس الفنية مثل الانطباعية والسريالية والتجريدية. ثم جاءت الفنون المعاصرة، والتي لم تقتصر على الأشكال التقليدية بل شملت تقنيات جديدة مثل الفن الرقمي وفن الشارع.

ختاما

إن رحلة الفن التشكيلي من الكهوف إلى القاعات هي رحلة تمتد عبر آلاف السنين. من كهوف إفريقيا القديمة إلى اختام ديلمون في البحرين، ومن تماثيل كوش إلى السريالية والتجريدية الحديثة، كان الفن دائمًا وسيظل وسيلة تعبير تعكس تطور الإنسان وثقافاته.

*منى الروبي فنانة تشكيلية بحرينية