الرئيسية / مقالات / قوة الفن التحويلية..مقدمة لرحلة الفن‏..بقلم ‏منى الروبي

قوة الفن التحويلية..مقدمة لرحلة الفن‏..بقلم ‏منى الروبي

لقد كان  الفن جزءًا لا يتجزأ من تاريخ البشرية، حيث خدم كوسيلة عميقة للتعبير، والتواصل، ‏والتحول، بدءًا من الرسومات الكهفية القديمة في لاسكو، التي تعود إلى أكثر من 17,000 عام، ‏وصولاً إلى الأعمال الفنية المعقدة لفنانين معاصرين مثل آي ويوي، تطور الفن جنبًا إلى جنب ‏مع الإنسانية، معبرًا عن أفكارنا العميقة، وتغيراتنا المجتمعية، والمعالم الثقافية. ستتناول هذه ‏السلسلة من المقالات عالم الفن متعدد الأوجه، مستكشفة استخدامه وتأثيره والإرث العريق ‏الذي صنعه على مر التاريخ، مع تسليط الضوء على الأثر العميق الذي يتركه على التجربة ‏الإنسانية‎.‎

كان الفن، بأشكاله المتعددة، دائمًا أكثر من مجرد مشهد بصري؛ إنه لغة بحد ذاته، ووعاء ‏للأفكار التي تتجاوز الزمن والمكان. فقد مثل عصر النهضة، على سبيل المثال، حقبة محورية ‏في تاريخ الفن، حيث لم يكن شخصيات مثل ليوناردو دا فينشي ومايكل أنجلو مجرد مبتكري ‏روائع فنية، بل أشعلوا أيضًا نهضة ثقافية أعادت تعريف دور الفن في المجتمع. أعمالهم، مثل ‏لوحة  الموناليزا (حوالي عام 1503) وسقف (كنيسة سيستين) الذي اكتمل في عام 1512م، ‏ليست مجرد إنجازات فنية تقنية، بل هي أيضًا استكشافات عميقة للطبيعة البشرية، والروحانية، ‏والسعي وراء المعرفة.‏

ومع تقدم الزمن جلب القرن التاسع عشر معه صعود حركات مثل الانطباعية، بقيادة فنانين ‏مثل كلود مونيه وبيير أوغست رينوار. لقد ابتعد هؤلاء الفنانون عن التقنيات التقليدية، ‏مستخدمين الضوء واللون بطرق مبتكرة لالتقاط لحظات عابرة وإثارة المشاعر. مهدت ‏أعمالهم الطريق للحركات الفنية الحديثة التي تبعت، كل منها يضغط على الحدود ويتحدى ‏الأعراف الاجتماعية‎.‎

وفي الأزمنة الحديثة استمر الفن في لعب دور حاسم في عكس وتشكيل القيم المجتمعية. ‏أعمال فنانين مثل بابلو بيكاسو، الذي تظل لوحته “غيرنيكا” (1937) بيانًا قويًا ضد الحرب، ‏وفريدا كاهلو، التي تصور بورتريهاتها الذاتية بوضوح نضالاتها الشخصية، أكدت قدرة الفن ‏على نقل مشاعر معقدة وتحفيز التغيير الاجتماعي‎.‎

ستستكشف هذه السلسلة من المقالات كيف يعمل الفن، بأشكاله المختلفة، كمرآة للبشرية، يعكس ‏انتصاراتنا الكبرى ولحظاتنا المظلمة على حد سواء. سنبحث في كيفية تطور الأشكال الفنية ‏العريقة، وكيف تؤثر على المجتمع، وكيف تستمر في تشكيل فهمنا للعالم ولنفسنا. من خلال هذا ‏الاستكشاف، نسعى إلى تسليط الضوء على قوة الفن الدائمة ودوره الذي لا غنى عنه في السرد ‏الإنساني. ستشكل كل مقالة في هذه السلسلة فصلًا في القصة المستمرة للأثر العميق للفن على ‏حياتنا، و سأرسم معكم  لوحة غنية  من المفاهيم و الوعي  والثقافة والمشاعر التي ينسجها ‏الفن.‏

‏-‏

‏*فنانة بحرينية تشكيلية ومسرحية