الرئيسية / أخبار / البحرين.. بيئة سيبرانية آمنة..بقلم عبدالمنعم إبراهيم

البحرين.. بيئة سيبرانية آمنة..بقلم عبدالمنعم إبراهيم

منذ تأسيس الدولة كان الأمن هو الركيزة الأساسية التي قامت عليها مؤسسات الوطن والمجتمع، وكان لوزارة الداخلية متمثلة في جهاز الشرطة (الأمن العام) الدور الكبير في صون مقدرات الدولة وحماية الناس.

ومع تطور الحياة وتغير طبيعة التهديدات، أصبح من الضروري أن ننتقل إلى بُعد جديد من الأمن.. بُعد غير مرئي لكنه حاضر بقوة، إنه الأمن السيبراني، الدرع الخفي الذي يحرس البيانات والإجراءات والخدمات على مدار الساعة، ليس فقط ضد المخاطر الداخلية بل أيضاً أمام التهديدات العابرة للحدود.

وفي هذا السياق يكتسب التمرين السيبراني الوطني «2025 Cyber Shield» أهمية خاصة، إذ أقيم تحت رعاية سمو الفريق الركن الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة مستشار الأمن الوطني قائد الحرس الملكي الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى، بتنظيم من المركز الوطني للأمن السيبراني، وبمشاركة واسعة من مختلف الجهات الحكومية والقطاعات الحيوية والخاصة. هذا التمرين لم يكن مجرد محاكاة شكلية، بل تجربة عملية حقيقية وضعت هذه الجهات أمام سيناريوهات معقدة تكشف مستوى الجاهزية وتُظهر ما يحتاج إلى تعزيز أو تطوير، ليصبح التمرين مختبراً وطنياً يعزز القدرات ويرفع مستوى التنسيق والوعي بخطورة التهديدات السيبرانية.

وقد أكد سموه أن مملكة البحرين ماضية في تعزيز قدراتها الوطنية في مجال الأمن السيبراني باعتباره أولوية استراتيجية لحماية مكتسبات الوطن وصون مسيرة التنمية الشاملة التي يقودها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله ورعاه، وبالاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله. وهنا تتجلى نظرة البحرين الاستراتيجية في أن الأمن لم يعد مقتصراً على الشرطة والعتاد، بل أصبح فضاءً سيبرانياً متشابكاً يتطلب يقظة دائمة وتنسيقاً متواصلاً بين المؤسسات.

وتتضح قيمة هذا التمرين أيضاً في شموليته، فهو لا يقتصر على حماية المؤسسات الحكومية، بل يشمل القطاع المالي والاقتصادي من بنوك وشركات وقطاعات حيوية تمثل عصب الحياة اليومية للمواطن والمستثمر، ما يجعله أكثر واقعية لأنه يضع هذه القطاعات أمام اختبارات مشابهة لما قد تواجهه في الواقع.

كما أن هذه الجهود تعكس مكانة البحرين كدولة موثوقة على المستوى الإقليمي والدولي في مجال الأمن السيبراني، خصوصاً مع دورها المتنامي كمركز متطور في الخدمات السحابية وتقنية المعلومات، حيث تقدم خدماتها لقطاعات ومؤسسات تتجاوز حدودها الجغرافية. إنها رسالة واضحة للعالم أن البحرين ليست فقط مستهلكة للتقنيات الحديثة، بل شريك فاعل في صياغة قواعد الأمان الرقمي على المستوى الدولي.

ولا تقف هذه الجهود عند الحاضر، بل تمتد نحو المستقبل، إذ إن الأمن السيبراني أصبح شرطاً أساسياً لنجاح مشاريع البحرين في التحول الرقمي والخدمات الذكية، وركيزة لتحقيق تطلعاتها في إطار رؤيتها الاقتصادية حتى عام 2050. فالأمن هنا ليس غاية بحد ذاته، بل وسيلة لحماية مسيرة التنمية وجذب الاستثمارات وبناء اقتصاد رقمي مزدهر يتناسب مع مكانة البحرين الإقليمية والدولية.

لقد برهن التمرين الوطني الأخير على أن الكفاءات البحرينية بعزمها وإرادتها قادرة على بناء بيئة سيبرانية آمنة ومرنة، تتماشى مع تطلعات المملكة نحو المستقبل الرقمي، وأن البحرين باتت تمتلك الجدار غير المرئي الذي يحرس حاضرها ويصون مستقبلها.