لا غرابة في كل هذا الترحيب العالمي برسالة السلام التي انطلقت من البحرين في ختام أعمال مؤتمر القمة العربي «قمة البحرين» برئاسة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم -حفظه الله ورعاه- يوم الخميس الماضي، نقول: «إنه لا غرابة في ذلك؛ لأن المبادرة البحرينية استندت إلى ثلاثة مبادئ هي حقوق لكل البشر، وهي الحق في الحياة والحق في الصحة والحق في التعليم».
وتتعاظم أهمية هذه الحقوق في مناطق عدّة من العالم وخاصة منطقتنا في هذا من الوقت العصيب والظروف الصعبة جدًا، والتي تصل إلى حد الكارثية، وتلمّ بمنطقتنا العربية حاليًا، والتي أدّت وتؤدي يوميًا إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات لتعيش المنطقة برمّتها فوق صفيح ساخن، دون أن يلوح ضوء في نهاية النفق حتى الآن، ودون أن يكون هناك من يتصدّى لنزع فتيل التوتر وإطفاء نيران الحرب، هذا الوضع العصيب كما قلنا لا يحتمل حالة الانتظار والترقب التي يتبعها عادة الدبلوماسيين على أمل أن تنهي أية قضية نفسها بنفسها، أو كما يقال: “اشتدّي يا أزمة تنفرجي”.
ومن هنا، وفي أعقاب القمة العربية الناجحة، والتي عقدت في مملكة البحرين، وما خرجت به من مبادرات عدة، تأتي زيارة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم -حفظه الله ورعاه- ورئيس القمة العربية في دورتها الحالية إلى جمهورية روسيا الاتحادية للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك ضمن تحرّك مباشر يقوده جلالة الملك -حفظه الله ورعاه- شخصيًا على الساحة الدولية.
موسكو – بوتين، هي قطب محوري في العالم، وتأثيرها السياسي يمتد إلى العالم كله، وهي لعبتْ ولازالت تلعب دورًا محوريًا في الشرق الأوسط، وفي الدفاع عن القضايا العربية المصيرية، هذا إلى جانب العلاقات البحرينية الروسية المتينة والمتطورة وخاصة العلاقات التي تربط بين جلالة الملك المعظم -حفظه الله ورعاه- والرئيس الروسي، والتي تتجاوز الأطر التقليدية والبروتوكولية إلى علاقات شخصية وثيقة يسودها التفاهم والود والاحترام وكثير من المشتركات.
قبل قمة البحرين لم تكن هناك رؤية عالمية لكيفية إطفاء الحرائق المشتعلة في الشرق الأوسط، والتي تهدد بكارثة عالمية، ولكن بفضل المبادرات الخمس التي تقدّم بها جلالة الملك المعظم -حفظه الله ورعاه- خلال القمة العربية أصبحت هناك رؤية وطريق يمهد إلى حلّ، وذلك بإجماع عربي كامل وتأييد دولي كبير.
إن تفعيل هذه القرارات والمبادرات دوليًا هي ضرورة ملحة لا تحتمل التأجيل وإلا الانتظار كما أسلفنا، وهذا ما ينتظر أن تخرج به زيارة جلالة الملك المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى موسكو ولقاء الرئيس بوتين الذي حضر مبعوثه الشخصي القمة العربية، والتقى جلالة الملك المعظم، وبالتالي فإن موسكو تملك كامل التصوّر لشكل المرحلة القادمة.
إن نجاح القمة العربية، ونجاح المبادرات البحرينية الخمس والإجماع العربي عليها قد تحقق بفضل السياسات الواقعية التي ينتهجها جلالة الملك المعظم، لذلك فإن زيارة جلالته إلى موسكو اليوم تنطلق من واقع عربي جديد خرجت به قمة البحرين، وأبدت القوى الكبرى تطلعها للعمل مع البحرين من أجل تحقيق ما خرجت به القمة من مبادرات وقرارات هي هدف رئيسي لزيارة جلالة الملك إلى موسكو اليوم.
وبين زيارة جلالة الملك المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى موسكو في العام 2008، وهي أول زيارة لجلالته إلى العاصمة الروسية، وبين زيارة جلالته اليوم إلى موسكو 2024 حاملًا رسالة سلام إلى العالم، أقامت البحرين وروسيا الكثير من الجسور، وتوصلت إلى العديد من التفاهمات ثنائيًا ودوليًا، ونحن على ثقة بأن لقاء جلالة الملك المعظم، والرئيس بوتين اليوم سيكون مثمرًا وإيجابيًا وبنّاءً في هذا الاتجاه.
–
*الأستاذ عيسى الشايجي رئيس تحرير صحيفة (الايام)، رئيس جمعية الصحفيين البحرينية، رئيس جمعية الصحفيين الخليجيين
–
عن صحيفة (الايام) البحرينية اليوم الاربعاء 22 مايو 2024