الرئيسية / أخبار / في الأكاديمية الملكية للشرطة.. كل خريج قصة أمنٍ واعٍ..بقلم د. بثينة خليفة قاسم

في الأكاديمية الملكية للشرطة.. كل خريج قصة أمنٍ واعٍ..بقلم د. بثينة خليفة قاسم

إن التعليم هو أعظم سلاح يمكن لأي دولة أن تمتلكه في معادلة الأمن الوطني، فلم يعد الاستقرار يعتمد على الإجراءات أو المعدات، بل على العقول القادرة على فهم التعقيدات، واستشراف التهديدات، والتعامل معها بدقة وحكمة.

وفي هذا السياق، تلعب الأكاديمية الملكية للشرطة دورًا محوريًا في تشكيل الجيل القادم من الخبراء الأمنيين، أشخاص يجمعون بين الانضباط، والقدرة التحليلية، والشعور بالمسؤولية تجاه الوطن، لا سيّما في وقت أصبحت فيه التهديدات الأمنية خارجة عن المألوف.

لقد كانت الجلسة الأخيرة برئاسة اللواء طارق بن حسن الحسن، رئيس الأمن العام، رئيس المجلس العلمي للأكاديمية، وعدد من القائمين على الأكاديمية، أكثر من مجرد جلسة إدارية؛ بل كانت تأكيدًا جديدًا على التزام مملكة البحرين المؤسسي بالتقدم الأكاديمي في المجال الأمني.
فمع استعداد الأكاديمية لتخريج دفعات جديدة من حملة الماجستير في تخصصات دقيقة وعملية مثل حقوق الإنسان، والأمن السيبراني، وإدارة الأزمات، يتردد صدى رسالة واضحة وقوية:
“نحن لا ننتظر المستقبل، بل نبنيه بالمعرفة والرؤية.”

التركيز على تطوير المناهج لا يُعد مبادرة معزولة، بل هو تحرك استراتيجي لمواكبة التغيرات المتسارعة في بيئة أمنية متقلبة.
فالعالم اليوم بحاجة إلى مفكرين نقديين، ومبدعين فاعلين، لا إلى مقلدين يكررون البروتوكولات.

وهذا يتطلب شراكات ذكية، وفي مقدمتها تأتي جامعة البحرين – الجامعة الوطنية في المملكة والمرجعية العلمية الرائدة – إذ يمكن للجامعة أن تسهم بشكل فعّال في تحقيق رسالة الأكاديمية، سواء من خلال قدراتها البحثية والتقنية، أو عبر مشاريع مشتركة تضيف عمقًا فكريًا للممارسات الأمنية المعاصرة.

وفي هذا الإطار، نقترح إنشاء مختبر الابتكار الأمني، وهو مبادرة مشتركة بين الأكاديمية الملكية للشرطة وجامعة البحرين.
سيكون هذا الفضاء المتعدد التخصصات بمثابة مختبر حي لتطوير حلول واقعية ومبتكرة للتحديات الأمنية الراهنة، يشارك فيه طلبة الدراسات العليا من كلا المؤسستين.

وستعمل هذه الفرق التخصصية المشتركة على دمج المعرفة التقنية، والقانونية، والاجتماعية، والعملياتية، لتُشكل قاعدة صلبة تدعم البنية الأمنية الوطنية من خلال ابتكار متجذر في الواقع.

في النهاية، إن الاستثمار في رأس المال البشري المتعلّم والماهر فكريًا ومهنيًا هو الطريق الأجدى نحو صمود طويل الأمد للدولة.
فالأمن يبدأ في قاعات الدراسة، ويتجلّى في ميادين العمل، حيث لا يصنع الفارق من يؤدي وظيفة، بل من يحمل رسالة.

إن الأكاديمية الملكية للشرطة في جوهرها رمزٌ للتفوق، والانضباط، والابتكار.
وهي تمنح الأمل لجيل المستقبل بأن الدفاع عن الوطن ليس مجرد مسؤولية، بل قضية نبيلة تتطلب عقولًا واعية، وقلوبًا أخلاقية، وتعاونًا استراتيجيًا ذكيًا.

عن صحيفة (البلاد) البحرينية

عن admin

صحفي وكاتب ومستشار اعلامي