الرئيسية / أخبار / على خلفية زيارة جلالة الملك إلى سلطنة عُمان..البحر هو الشاهد الأول على علاقة شعبين تشابكت أقدارهما حتى صار كل منهما مرآة للآخر

على خلفية زيارة جلالة الملك إلى سلطنة عُمان..البحر هو الشاهد الأول على علاقة شعبين تشابكت أقدارهما حتى صار كل منهما مرآة للآخر

 

تقرير البحرين/ رئيس التحرير/ يقوم حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين المعظم حاليا بزيارة ودية إلى سلطنة عُمان، حيث التقى بأخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، اللقاء اتسم بروح الأخوة الصادقة والمودة العميقة التي تربط الشعبين البحريني والعُماني منذ عقود طويلة، وقد تبادل الجانبان الأحاديث الودية حول العلاقات التاريخية بين البلدين، وسبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات بما يخدم المصالح المتبادلة.

وأكد جلالة الملك حمد وجلالة السلطان هيثم على عمق الروابط الأخوية التي تجمع البحرين وعُمان، وعلى الحرص المشترك في الدفع بهذه العلاقة نحو آفاق أرحب من التعاون والتكامل، مؤكدين أن المحبة المتبادلة بين الشعبين هي الركيزة الأقوى لهذه العلاقة المتميزة.

المراقب عن كثب لعلاقات البلدين الشقيقين يجد ثمة عوامل قوية جدا تربط البحرين بشقيقتها عُمان فالبحر الذي يمتد بين البلدين ليس فاصلاً بين ضفتين، بل هو جسر من زرقة وملح ومراكب، حمل عبر قرون طويلة أصوات البحّارة، وأهازيج النهّامين، وحكايات التجار، وبشائر العودة من مواسم اللؤلؤ. هذا البحر هو الشاهد الأول على علاقة شعبين تشابكت أقدارهما، حتى صار كل منهما مرآة للآخر.

البحريني حين يرسو في موانئ مسقط أو صور أو صلالة، يشعر وكأن قدميه لم تغادرا أرض المنامة أو المحرق، والعُماني حين يسير في أسواق المنامة أو يجلس على مقهى شعبي في الرفاع، يجد نفسه بين إخوة لا غرباء. إنهما شعبان جمعتهما لغة القلب قبل لغة الجغرافيا، وأوصالهما ممتدة في الأسر والقبائل والعادات.

في الفنون الشعبية يظهر التشابه كأنه عزف على أوتار واحدة؛ العرضة البحرينية تصافح الرزحة العُمانية، والأهازيج البحرية تتلاقى في الشجن ذاته، في الحنين ذاته، وكأنها تصعد من قلب خليج واحد. حتى الكرم والبساطة والاعتزاز بالهوية، كلها صفات مشتركة تجعل البحريني يرى نفسه في العُماني، ويرى العُماني نفسه في البحريني.

لم تكن التجارة وحدها ما وحّد الشعبين، وإن كانت أسواق نزوى وصحار يومًا ما تستقبل التجار البحرينيين، كما كانت أسواق المحرق والمنامة تستقبل العُمانيين. ما وحّدهم حقًا هو هذا الإحساس بأنهم أبناء أرض واحدة، حتى وإن فرقتهم المسافات.

في زمن التغيرات الكبرى، وحيث تتبدل خرائط السياسة، بقيت علاقة البحرين وعُمان ثابتة كالجبال العُمانية الراسخة، وشفافة كبحر المنامة عند الفجر. لم تدخلها خصومات ولا أثقلتها حساسيات، بل ظلت مثالاً على الأخوّة الخليجية الصافية، تلك التي تقوم على المحبة الطبيعية، لا على المصالح العابرة.

إن الحديث عن البحرين وعُمان هو حديث عن بيتين متجاورين؛ باباهما مشرعان للضيوف، وأهلهما أهل مودة وكرم. المستقبل قد يحمل تعاونًا اقتصاديًا أوسع، ومشاريع تنموية أكبر، لكن ما يهم حقًا أن يبقى هذا الخيط الرفيع من المودة الشعبية مشدودًا لا ينقطع، لأنه هو الضمانة الحقيقية لبقاء هذه الأخوّة نقية.

وحين يسأل سائل: ما الذي يميز علاقة البحريني بالعُماني؟ فالجواب بسيط: إنهما يعرفان بعضهما كما يعرف البحر زرقة السماء، وكما تعرف النخلة ملوحة الأرض التي تنبت فيها. إنها علاقة بلا رتوش، بلا تكلف، علاقة صادقة مثل نسيم البحر، وباقية مثل صمت الجبال.

خلاصة القول إن الحديث عن البحرين وعُمان هو حديث عن بيتين متجاورين، جيرتهما طيبة، وأهلهما أهل كرم وأصالة. ولعل المستقبل يحمل مزيدًا من التعاون والتكامل بين البلدين ما دامت هذه العلاقات راسخة، وما دامت محبة صاحبي الجلالة لبعضها البعض، داعين الله سبحانه وتعالى أن تبقى هذه الروح الجميلة بين القيادتين والشعبين الشقيقين، لأنها الضمانة الحقيقية لاستمرار هذه الأخوة، بما ينعكس على مصالح البلدين.