في مشهدٍ تاريخي يعيد لمصر مكانتها كقلب الدبلوماسية في المنطقة، احتضنت مدينة شرم الشيخ أعمال قمة السلام بمشاركة واسعة من قادة العالم، لبحث سبل تثبيت اتفاق وقف الحرب في غزة، وإطلاق مرحلة إعادة الإعمار، وتعزيز الأمن الإقليمي.
شارك في القمة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جانب ملك الأردن، والرئيسين الفرنسي والتركي، وأمير دولة قطر، والمستشار الألماني، ورؤساء وزراء إيطاليا، والمملكة المتحدة، وكندا، ووزير خارجية المملكة العربية السعودية، ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، في اجتماعٍ تنسيقي موسع يعكس وحدة الموقف الدولي تجاه دعم الاستقرار في الشرق الأوسط.
وأكد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، السفير محمد الشناوي، أن الاجتماع خُصص للتشاور حول آليات تنفيذ اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، مع التركيز على جهود إعادة الإعمار وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة. وأوضح أن الرئيس السيسي شدد على أهمية عقد مؤتمر القاهرة للتعافي المبكر وإعادة الإعمار في نوفمبر 2025، بما يضمن استمرار الزخم الذي أحدثته قمة شرم الشيخ.
كما دعا الرئيس السيسي الدول الأوروبية إلى تشجيع كافة الأطراف المعنية على الالتزام باتفاق وقف الحرب، مشيراً إلى أن مصر والأردن تقومان بتدريب عناصر من الشرطة الفلسطينية، وأكد أهمية تقديم الدعم الفني واللوجيستي من الدول الأوروبية لاستمرار هذه الجهود وتوسيع نطاقها.
وفي مفاجأة لفتت أنظار وسائل الإعلام، حضر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو فعاليات القمة، حيث اعتبره كثيرون “أغرب ضيف” في هذا الحدث السياسي البحت. إلا أن مشاركته جاءت، بحسب مصادر دبلوماسية، في إطار مبادرة مشتركة بين الفيفا ومصر لاستخدام الرياضة كأداة للسلام وإعادة الدمج الاجتماعي في المناطق المتضررة من النزاعات.
وأشاد إنفانتينو خلال كلمته بالدور المصري في ترسيخ قيم التعايش والإنسانية، مؤكدًا أن “كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل جسر يربط بين الشعوب بعد الحروب”، مضيفًا أن الفيفا على استعداد لدعم برامج شبابية ورياضية في غزة بعد استقرار الأوضاع.
من جانبهم، شدد القادة المشاركون على ضرورة توجيه المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بكميات كافية، والإسراع في إزالة الركام وإعادة الخدمات الأساسية، وإنشاء آلية تنسيقية مشتركة لمتابعة تنفيذ مخرجات القمة وتحديد الخطوات العملية المقبلة.
تأتي قمة شرم الشيخ للسلام كإحدى أبرز محطات الدبلوماسية المصرية الحديثة، لتؤكد مجددًا أن مصر لا تزال مركز الثقل الإقليمي وصوت العقل في إدارة الأزمات، وأن طريق السلام يبدأ من أرضها دائمًا، حيث تلتقي الإرادة الدولية مع الرؤية المصرية في صناعة مستقبلٍ أكثر استقرارًا للمنطقة والعالم.