الرئيسية / أخبار / في حضرة بيكاسو..!!

في حضرة بيكاسو..!!

رحلتي إلى إسبانيا كانت مكملة لرحلاتي الفنية إلى المغرب، فأنا أبحث عن الفن أينما وُجد، وأتتبع أثر الإبداع حيث تنبض الروح بالألوان، في مدينة مالقا موطن الأسطورة بابلو بيكاسو، تعمدت أن أسكن على بُعد عشر دقائق فقط من متحف بيكاسو، لأكون قريبة من روح الفن التي تسكن جدرانه، زيارتي للمتحف كانت تجربة مدهشة؛ تأملت مراحل تطور بيكاسو منذ طفولته حتى عبقريته التجريدية، وشعرت كأنني أتنقّل بين محطات حياته المليئة بالشغف والإبداع، لن تكتمل التجربه إلا بزيارة صديقة عزيزة وفنانة فريدة تحمل عبق بيكاسو في ملامحها وفي فكرها، هي (مارغي لوبيز) فنانة قيّمة معارض، ومؤسسة أحد أبرز الصروح الفنية في إسبانيا، ArteAdiscar – Margui López Gallery.

مارغي فنانة تحمل في داخلها شغفًا متقدًا بالفن منذ طفولتها، حين رسمت واجهة مدرستها وهي في الثانية عشرة من عمرها، فكان ذلك العمل البسيط بوابة لعالم واسع من الإبداع، وعند الخامسة عشرة، اكتشفت ألوان الزيت لتبدأ رحلة عشقها مع اللون والملمس والضوء. درست الفنون الجميلة، ووهبت حياتها للرسم والتجريب والتعبير، حتى أصبحت إحدى الوجوه البارزة في المشهد الفني الإسباني والعالمي.

قبل خمسة وعشرين عامًا، قررت أن تستعيد حريتها الإبداعية فأسست معرضها الخاص رافضة أن تُختزل موهبتها في أرقام تجار الفن، ومنذ ذلك الحين أصبح معرضها مدرسة للفنانين ومنصة لاكتشاف المواهب، ومن قلب مالقا، أطلقت المعرض الدولي بيكاسيانا (PICASSINA)، الذي يحتفل هذا العام بنسخته الخامسة عشرة، ليكون تحية سنوية لروح بيكاسو، يجتمع فيه الفنانون من أنحاء العالم ليقدموا أعمالهم المستوحاة من عبقريته الخالدة.

لكن مسيرة مارغي لم تتوقف عند حدود المعارض، فقد أسست منظمة OMCART، وهي المنظمة العالمية للمسابقات الفنية، بهدف دعم المواهب الشابة ورفع مستوى التقدير الجمالي للفن عالميًا، من خلال هذه المنظمة، تعمل على بناء جسور ثقافية بين الشعوب، مؤمنة بأن الفن هو اللغة الأسمى التي توحّد الإنسانية. و الجدير بالذكر هنا اني الرأس فرع البحرين بكل فخر و اعتزاز .

رؤيتها للفن في مالقا والعالم تنبع من الإيمان بأن الإبداع هو حوار بين الإنسان ومحيطه، وأن الفنان الحقيقي لا يرسم الألوان فحسب، بل يرسم الوعي والجمال في عيون الآخرين.

مارغي لوبيز فنانة تستمد إلهامها من الطبيعة ومن الإنسان، تجمع بين التعبيرية والخيال، بين التقنية والإحساس، لتصوغ أعمالًا تفيض بالعاطفة والصدق.

إنها امرأة تجسّد الحرية، قادت عبر معارضها ومشاريعها الثقافية حركة فنية تُكرّم الإرث وتحتفي بالحداثة.

لقائي بها في مالقا كان لقاء بين روحين تؤمنان بأن الفن ليس مهنة، بل حياة تُعاش وشغف يُمارس، وجسر من الضوء يربط القلوب عبر الألوان.