تقرير البحرين/المنامة/ تشهد البحرين خلال الأشهر المقبلة من العام الجاري نشاطًا متزايدًا في مجال استضافة المؤتمرات والمعارض الدولية، الأمر الذي يعكس مكانتها المتنامية كمركز للحوار الاقتصادي والمعرفي في المنطقة، فابتداءً من سبتمبر، تستضيف مملكة البحرين (قمة ICCA للشرق الأوسط) التي تجمع خُبراء صناعة المؤتمرات والسياحة الذكية، لمناقشة قضايا الذكاء الاصطناعي والاستدامة، وفي الشهر نفسه يُعقد (المؤتمر العالمي للمياه والطاقة والتغير المناخي) بتنظيم جامعة البحرين وهيئة الكهرباء والماء، وبمشاركة أكثر من ثلاثين دولة، ما يضع البحرين في قلب النقاشات العالمية حول البيئة والطاقة.
كما تستضيف مملكة البحرين (مؤتمر ومعرض الشرق الأوسط للنفط والغاز والعلوم الجيولوجية) بتنظيم جمعية الجيولوجيين البحرينية وشركة DMG Events، وهو حدث يعزز علاقاتها مع كبريات شركات الطاقة، وفي أكتوبر يُقام (معرض Powerelec البحرين المخصص للطاقة المتجددة والتخزين)، في حين يشهد نوفمبر تنظيم (معرض سيتي سكيب البحرين الذي يُعد الحدث الأكبر في القطاع العقاري)، ويُختتم العام في ديسمبر بـ (منتدى جيبكا للصناعات الكيماوية) بمشاركة قادة هذا القطاع في الخليج والعالم.
وإذا كان المستقبل القريب يحمل هذه الفعاليات، فإن العام الجاري 2025 شهد بالفعل مجموعة من المؤتمرات المهمة، ففي فبراير انعقد مؤتمر Bottom of the Barrel Technology المتخصص في تقنيات النفط، إلى جانب قمة التكنولوجيا المالية (Fintech Revolution Summit) ومؤتمر البحرين للسكري والغدد الصماء، وفي أبريل استضافت المنامة المؤتمر الدولي الثاني للابتكار في تكنولوجيا المعلومات، ثم جاء مؤتمر S&P Global Commodity Insights في مايو لبحث أسواق الطاقة العالمية، وفي يونيو انعقد مؤتمر صحة الدماغ، كما استضافت المملكة بطولة أمم آسيا للكرة الطائرة التي فاز بها المنتخب البحريني لأول مرة. أما في يوليو وأغسطس فقد احتضنت البحرين البطولة العربية لكرة السلة بعد انسحاب تونس من الاستضافة، فيما تستعد في أكتوبر لاستضافة الألعاب الآسيوية للشباب، وهو حدث قاري كبير يعكس ثقة المجتمع الدولي في قدراتها التنظيمية.
الأثر الاقتصادي لهذه المؤتمرات والبطولات يظهر بوضوح على عدة مستويات فنسب الإشغال الفندقي تتجاوز في بعض الفعاليات 90%، كما يرتفع الطلب على خدمات المطاعم والمقاهي بما يصل إلى 25%، ويشهد مطار البحرين الدولي زيادة في عدد الرحلات القادمة، خصوصا من دول الخليج وأوروبا، هذه الحركة تنعكس على شركات الطيران وخدمات النقل، وتفتح المجال أمام شركات صغيرة ومتوسطة في مجالات الترجمة، الإعلام الرقمي، النقل، والخدمات اللوجستية، كما تحولت بعض هذه الفعاليات إلى فرص استثمارية فعلية، إذ شهد عام 2023 وحده توقيع أكثر من عشرين مذكرة تفاهم في قطاعات متنوعة مثل الطاقة والعقار والتكنولوجيا.
ومع ذلك، فإن القيمة المضافة لا تقف عند حدود الأرقام المباشرة، بل تمتد إلى تعزيز صورة البحرين كبلد مستقر وآمن للأعمال، وإلى توفير فرص للشباب البحريني لاكتساب خبرات عملية من خلال المشاركة في التنظيم والتطوع والعمل الإعلامي. كما تسهم المؤتمرات العقارية مثل سيتي سكيب في جذب مستثمرين جدد، فيما تمنح المؤتمرات العلمية والصحية فرصًا لتطوير قدرات الكوادر الوطنية.
هذه النجاحات تعود إلى خبرة تراكمت خلال الأعوام الماضية، بدءًا من منتدى حوار المنامة عام 2019، مرورًا بالمؤتمرات الرقمية في فترة الجائحة، وصولًا إلى مؤتمرات الطاقة والعقار والاتصالات والأمن السيبراني في 2022 و2023، ثم المعارض الدفاعية والطاقوية في 2024. ومع كل عام، تتوسع ثقة المنظمات الدولية في قدرة البحرين على الاستضافة والتنظيم بكفاءة عالية.
وراء هذه الإنجازات يقف الإنسان البحريني بكفاءته ومرونته، من موظفي هيئة السياحة والمعارض إلى فرق التنظيم في الوزارات والشركات الخاصة. فقد أثبت البحرينيون أنهم قادرون على إدارة فعاليات بمستويات عالمية، وهو ما يعكس بدوره رؤية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي يرى في المؤتمرات أداة مهمة لتعزيز الشراكات الدولية ودعم الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره وفقًا لرؤية البحرين الاقتصادية 2030.
كما لعب الإعلام الوطني دورًا مهمًا في نقل صورة البحرين إلى الخارج عبر التغطيات التلفزيونية والصحفية والرقمية، فيما ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي في إيصال رسائل هذه المؤتمرات إلى جمهور واسع، وربط المواطن البحريني بالمشهد الدولي.
وبذلك يتضح أن المؤتمرات والفعاليات في البحرين لم تعد مجرد تجمعات متخصصة، بل أصبحت محركًا اقتصاديًا واجتماعيًا ومعرفيًا يعزز مكانة المملكة في المنطقة والعالم، ويؤكد قدرتها على الجمع بين الاستضافة المتميزة والتأثير الفعلي في القضايا الدولية.
25 أغسطس 2025