الرئيسية / أخبار / من رحم الإبداع وُلدت أوركسترا الفيلهارمونية-بقلم شيرين فريد

من رحم الإبداع وُلدت أوركسترا الفيلهارمونية-بقلم شيرين فريد

بين سحر الماضي وعبير الحاضر وأمل المستقبل أنتقل وأندمج بين عصور التاريخ عن طريق سحر الموسيقي ، إنها الموسيقي التي تنقلك إلي أزمان أسطورية ، تنطفي إضاءات الأوبرا وتضيء إضاءات المسرح المتمثلة في مائة عازف وعازفة ، نعم إنهم أضواء متلألأة ولكن من يا تُري ذلك الفارس الذي يدير ظهره للجمهور ومع ذلك يقف له الجمهور إجلالاً وإحتراماً ! إنه القائد المُبجل المعصوم الخالد إلي الأبد  ذو الزي الأبيض الذي يُلًوح بعصاه السحرية مُعلِنآ بدء الحماس والوطنية وإحساس الإنتصار.

هو العازف الذي لا يعزف على أي آلة، هو مدير الفرقة أو الجوقة الموسيقية  والعنصر الذي لا يمكن الاستغناء عنه ؛ وذلك لأنَّه بطبيعة الحال لا يمكن للفرقة الموسيقية أن تنجز عملها دونه؛ بل تحتاج إلى قائد عظيم ومحترف يلوح بيديه ويرسل إشارات لكل عازف كيف ومتى يبدأ، كما ينبه الكورال والكورس متى يشرعون بفتح أفواههم، ومتى تتصاعد طبقات صوتهم ومتى تنخفض .

هو المايسترو اللواء د.مبارك نجم، رب العمل الموسيقي الذي أسس أوركسترا البحرين الفيلهارمونية في مارس 2022 ومؤسس معهد البحرين للموسيقي وقائد الفرقة الموسيقية للشرطة بوزارة الداخلية . لقد كرًس الدكتور مبارك نجم كامل جهده بإيصال التأليف السيمفوني إلي مراتب عالية ومعقدة ؛ فقد برز دورهُ كعامل محوري وحيوي في أعماله وإسهاماته في النهوض بالموسيقي الكلاسيكية والعسكرية والتربوية ، وفي خِضم كل هذا التطور قام بإعادة توزيع للموسيقي الخليجية وإضافتها ضمن برنامجه الموسيقي ، كما وقد أدخل موسيقي الأطفال والموسيقي الشعبية حيث نال درجة الدكتوراه في الفنون وبعدها بسبع سنوات حصُل علي الدكتوراه الثانية في فلسفة الفنون الشعبية

لقد سعي د.مبارك نجم إلى تنفيذ عمل موسيقي، يستعمل لغة غير كلامية وهي لغة الإشارات أثناء الحفلة لكنه أثناء التمارين اليومية مع الموسيقيين بجانب هذه اللغة يستعين بشروحات كلامية مجازية من أجل توضيح أفكاره التأويلية للعازفين وحثهم على التعاون الجماعي معه وفي ما بينهم. وفي سعيِهِ هذا تنشأ علاقة فنية- وجدانية بينه وبين النص الموسيقي الذي بدوره يتحول أثناء التمارين إلى كائن مُتحرك ومُتَغيِّر له قوام وأنسجة وشرايين وقلب وذُروة ومسار. وكل التحدي والحِرَفية يكمنان في أن يبث قائد الأوركسترا في هذا الكائن حياةً بعقول الموسيقيين والعازفين ووجدانهم، إذ يكون لهم الدور الأساسي والنهائي في إنضاج العمل وجعله يرقى إلى مصاف العمل الفني الجميل.

ومن ضمن هذا التحدي والحرفية تقع مسؤولية إنجاح العمل برمته على طرفي المعادلة. الطرف الأول أي قائد الأوركسترا الذي عليه أن يكون مُقنعاً إلى الحد الأقصى بكفاءته الأكاديمية وقدراته التقنية وأن يتصف بالتوازن النفسي والأخلاقي ويتحلى بالسلوك المهنيّ الراقي للموسيقيين. أما الطرف الثاني من المعادلة أي مجموع العازفين الموسيقيين الذين تقع على عاتقهم مسؤولية إتقان أدوارهم الموسيقية والانضواء تحت راية العمل الجماعي والإلتزام التام بأفكار “قائد” الأوركسترا وتوجيهاته .

وبالأخير لا يسعني وصف تأثير الأوركسترا الفيلهارمونية منذ نشأتها علي النهوض بالوعي الفني الشعبي وبذوق المتلقي البحريني  مما كان له أكبر الأثر علي رقي الذوق الفني العام للموسيقي في البحرين ووصولها من المحلية إلي العالمية ، ولازالت رحلة د.مبارك نجم مستمرة لإثبات ذات قدرة الفنان المحترف وتأصل إحساسه وفنه وتأثيره كشخصية عربية نفتخر بها ساهمت في إثراء الحياة الفنية في الوطن العربي والأوروبي.

من صحيفة (البلاد) البحرينية