فوجئ المواطنون في البحرين بعد ظهر أمس بتسريب خبري من إحدى الصُحف عن تعديل وزاري وشيك، وفي أقل من ساعتين انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي قائمة توقعات باسماء وزراء محتملين، فكان واضحا للمتابع والراصد انها غير حقيقية وعبارة عن تكهنات ليس إلا، إن المسافة الزمنية ما بين انتشار قائمة التوقعات وصدور المرسوم بالتعديل الوزاري من حضرة صاحب الجلالة الملك المعظّم عبر وكالة أنباء البحرين (بنا) لم تتعدى الساعتين وقد صدر بعد ذلك التعديل الوزاري وقد حظي باهتمام كبير من الجميع لأنه حفل بالكثير من المؤشرات الايجابية التي يمكن قراءتها من خلال السطور التالية.
*يأتي التعديل الوزاري الجديد في وقت يشهد العالم حالة من القلق بسبب الحرب الروسية الاوكرانية وما خلفته حتى الآن من اشكالات، وربما تشهد الفترة المقبلة أزمة في الأمن الغذائي عالميا، وأزمة في أمن الطاقة قد تؤثر على المنطقة الخليجية بشكل من الأشكال، الأمر الذي يتطلب من الجميع التفاني في العمل وابتكار الحلول المطلوبة إذا ما حدث جديد في المنطقة.
*التعديل الوزاري جاء بعد فترة طويلة من الاستقرار في دولاب الدولة التي شهدت الكثير من الانجازات، وفي مجالات كثيرة وآخرها التعافي الاقتصادي الذي أعلنه معالي الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد الوطني مؤخرا في مؤتمر صحفي، هذا الانجاز أكد أن حكومة مملكة البحرين لها قابلية كبيرة في التأقلم مع الأزمات العالمية وتأثيراتها المحلية، والوقوف بقوة في وجه التحديات الجسام دون أن يتأثر المواطن اقتصاديا بالدرجة التي حدثت في الكثير من دول العالم.
أعتقد من أبرز ما حفل به التعديل هو دخول 4 سيدات شابات كفوءات في مجالات ذات أهمية كبرى تتعلق بتوجهات البحرين المرتبطة بتكافوء الفرص وبالتنمية المستدامة وبالمواكبة والتحديث، بما يصب في مصلحة الوطن والمواطنين وينعكس بشكل مباشر على تقدم البحرين في مؤشرات التنمية البشرية على مستوى العالم.
أهمية الوزارات الجديدة
*التعديل هو الأكبر من نوعه إذ استحدث وزارات جديدة، وبتغيير مسمى وفصل وزارات، وهي (وزارة البنية التحتية- وزارة الشؤون القانونية، وزارة التنمية المستدامة) وتم فصل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى وزارتين، وفصل السياحة عن وزارة الصناعة والتجارة، وضم البيئة إلى وزارة النفط، أعقد أن هذا التغيير ايجابي للحد البعيد لأن الفصل الذي تم بين هذه الوزارات يحقق اهدافا معينة، ومن شأنه أن يُحسن مستوى تقديم الخدمات بالنسبة للمواطنين، وبشكل خاص يبرز ذلك في فصل السياحة عن الصناعة والتجارة وهو ما يُمكّن من حُدوث انطلاقة في المجال السياحي بقوة وبلا قيود باعتباره قطاعا استراتيجيا تعول عليه الكثير من بلاد العالم، أرى أن وزارة للسياحة بامكانها أن ترتقي بالاستثمار السياحي وجذب الزوار من كل انحاء المعمورة، وقد ظل هذا الهدف مطلب من المطالب المُحلة في الفترات الماضية.
*من الوزارات الجديدة ذات الأهمية في تحقيق تطلعات مملكة البحرين هي وزارة البنية التحتية، وقد كانت مجالات عملها متوزعة ما بين وزارة الأشغال والبلديات والاسكان وجهات أخرى، الآن أضحت في مكان واحد وزيرها معالي الشيخ خالد بن عبدالله بن خالد آل خليفة نائب رئيس الوزراء، أصلا قد لعب دورا مهما ومحوريا في تطوير البنية التحتية من خلال عمله في متابعة واهتمام ورعاية ملفات الاسكان على وجه الخصوص، وسائر مجالات التطور العمراني بمملكة البحرين ويمتاز بالعمل في صمت شديد ومتابعة لصيقة.
أهداف ومقاصد
*إذا جاء الحديث حول الوزارة الجديدة – وزارة الشؤون القانونية أعتقد في الأصل هي (هيئة التشريع والرأي القانوني) وهي هيئة مستقلة ذات طبيعة قضائية، أنشأت في عام 1970، حيث مرت بمراحل تطور عدة وصولاً إلى استقلالها التام عن السلطة التنفيذية وتعزيز طبيعتها القضائية، وتختص بإبداء الرأي القانوني، وإعداد التشريعات وصياغتها، ومراجعة العقود، وهي الاختصاصات التي نصّ عليها دستور مملكة البحرين، وهذه الوزارة ستكون أيضا هي الجهة المعنية بتنظيم العملية الانتخابية، حسب ما نمى إلى علمي.
*التعديل الوزاري الجديد أفرز وزارة جديدة كليا وهي (وزارة التنمية المستدامة) أعتقد ستكون من مهامها العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، واضح أن البحرين بعد استجابتها على المستوى الدولي لتحقيق أهداف الإنمائية للألفية وتحقيقها جميع الأهداف والمقاصد في عام 2015م، تعتزم باصرار شديد المواصلة في هذا الطريق، قد اتخذت خطوات مهمة لتحقيق هذه الأهداف التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحرصت على مواءمة أجندة التنمية الوطنية وفقاً لذلك، وكما هو معروف أن مجالات التنمية المستدامة كثيرة جدا وبالفعل تحتاج لوزارة، ولكوادر وطنية مؤهلة للعمل مع الجهات الدولية المتخصصة في هذا المجال، وإذا تطرقنا لوزارة التنمية الاجتماعية الجديدة بوسعي القول ان التغيير الوزاري قد فعل خيرا في هذا المنحى لأن مجالات هذه الوزارة واسعة جدا وذات أهمية بالغة لأنها ترتبط مباشرة بالأسرة البحرينية.
*من الجميل في التعديل الجديد أنه ضم (البيئة) لوزارة (النفط) وهذا من الطبيعي بمكان أن ترتبط البيئة بالنفط، وأجمل من ذلك هو تعيين الأخ الدكتور محمد بن مبارك بن دينة وزيراً للنفط والبيئة وهو رجل معروف في كل الأوساط الإعلامية والصحفية والاجتماعية، هو في ذات الوقت كفاءة وخبرة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وأعتقد من المتوقع أن يحدث تغييرا جديدا في ملف البيئة باعتباره من الملفات الوطنية الهامة المتعلقة بصحة الإنسان، في ذات الصدد هو ملف مرتبط بالمجتمع الدولي والعمل فيه بقوة وابتكار وتنوع في المخرجات من شأنه أن يرفع شأن البحرين في هذا المجال.
وجوه شابة
*التغير الوزاري الجديد حفِل بدخول وُزراء جُدد ربما بعضهم غير معروفين لعامة الناس، لكن من بينهم من عمل في مؤسسات حكومية واقتصادية وفي القطاع الخاص وأثبت جدارته، مثلا وزيرة السياحة الأخت الفضلى فاطمة بنت جعفر الصيرفي، هي من الوجوه الشابة و الكوادر الوطنية المعروفة بالنسبة لنا في المجال الإعلامي وقد تزاملنا في وزارة شؤون الاعلام وهي كفاءة بحق وحقيقة تتمتع بروح قيادية وثابة، وكنت عضو في إحدى اللجان الخاصة بالملف الاسكاني برئاستها، ووقفت على ما لديها من اسلوب عمل راق ومتقدم، ومن هنا اعتقد ان البحرين موعودة بإنجازات في المجال السياحي في الفترة المقبلة بإذن الله، وهناك أيضا عناصر شابة مثل السيدة آمنة بنت أحمد الرميحي وزيرة الإسكان والتخطيط العمراني، والسيدة نور بنت علي الخليف وزيرة التنمية المستدامة.
*إنّ مشاركة الشباب في عملية التنمية هو أمر في غاية الأهمية يتواكب تماما مع توجهات جلالة الملك حفظه الله، وتتوافق مع الاطروحات التي يقدمها دائما صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله، خاصة وأن آليات وأساليب العمل قد تطورت في كل بلاد العالم مع دخول التقنيات الحديثة الأمر الذي يتطلب عناصر شابة تمتلك كل المهارات المطلوبة التي تضع البلاد في المكانة اللائقة بها، ومن ضمن هذه الكوادر الشابة وزير الإعلام الجديد الدكتور رمزان بن عبدالله النعيمي وقد شاهدت له حوار تلفزيوني سابق بقناة البحرين الفضائية واضح أنه يمتلك مهارات كثيرة ومتحدث لبق وبما أنه جاء من المجال القانوني اعتقد أنه سيحقق نتائج مثمرة.
*في هذا السياق وللأمانة والتأريخ لابد من القول أن الاخ وزير شؤون الاعلام السابق علي بن محمد الرميحي قد أبلى بلاءا حسنا في فترة تقلده المنصب ولم يألوا جهدا في أداء عمله على الوجه الأكمل، أعتقد أن من أهم انجازاته التركيز على ادخال العنصر الشبابي البحريني إلى الأجهزة الإعلامية الرسمية وهذا أمر في غاية الأهمية، هذه الخطوة كان قد بدأها وزير شؤون الاعلام الأسبق الاستاذ عيسى الحمادي، ومن بعده واصل الرميحي العمل في هذا المنحى ليس هذا فحسب بل أنه فتح قنوات اتصال وتعاون مثمر جدا مع كافة الجامعات في البحرين حيث تم الاتفاق معها على رفد المؤسسات الاعلامية بالخريجين البحرينيين ليكونوا هم الدعامة الأساسية في المنتوج الاعلامي الابداعي البحريني، وها هو تلفزيون وإذاعة ووكالة أنباء البحرين يعمل بها كفاءات بحرينية شابة تعمل بجد واجتهاد.
*خلاصة القول أن التعديل الوزاري الجديد دخل بالبحرين مرحلة جديدة من مراحل التطور، والمواطن ينتظر من الحكومة الجديدة الكثير من الخدمات التي تعينه على أداء رسالته، ومواصلة العمل في انجازات الملف الاسكاني وزيادة البنى التحتية وتوفير المزيد من فرص العمل المجزية للشباب.